للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا لحكمة، والتكلم بما ظاهره ضلالٌ ومحالٌ.

وتراهم إذا أثبتوا أثبتوا [ق ٨٥ أ] مجملًا لا تعرفه القلوب، ولا تُميِّز بينه وبين العدم. وإذا نفوا نفوا نفيًا مفصَّلًا (١) يتضمن تعطيل ما أثبته الرسول حقيقة.

فهذا وأضعافه وأضعاف أضعافه من لوازم قول المعطلة.

ومن لوازمه: أن القلوب لا تحبه، ولا تريده، ولا تبتهج به، ولا تشتاق إليه، ولا تلتذ بالنظر إلى وجهه الكريم في دار النعيم، كما صرَّحوا بذلك وقالوا: هذا كله إنما يصح تعلُّقه بالمحدث لا بالقديم. قالوا: وإرادته ومحبته محال، لأن الإرادة إنما تتعلق بالمعدوم لا بالموجود، والمحبة إنما تكون لمناسبة بين المحب والمحبوب، ولا مناسبة بين القديم والمُحْدَث.

ومن لوازمه: أعظم العقوق لأبيهم آدم، فإن من خصائصه أن الله خلقه بيده، فقالوا: إنما خلقه بقدرته، فلم يجعلوا له مزية على إبليس في خلقه.

ومن لوازمه، بل صرَّحوا به: جحدهم حقيقة خُلَّة إبراهيم، وقالوا: هي حاجته وفاقته وفقره إلى الله. فلم يثبتوا له بذلك مزيةً على أحدٍ من الخلق، إذ كل أحدٍ فقيرٌ إليه في كل نَفَسٍ وطرفة عينٍ.

ومن لوازمه، بل صرَّحوا به: أن الله لم يكلم موسى تكليمًا، وإنما خلق كلامًا في الهواء أسمعه إياه فكلمه في الريح، لا أنه أسمعه كلامه الذي هو صفة من صفاته قائم بذاته، لا يُصدِّق الجهمي بهذا أبدًا.

ومن لوازمه، بل صرَّحوا به: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعرج به إلى الله حقيقةً،


(١) «ح»: «مفصلًا نفيًا». والمثبت من «م».