للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال (١): «فخرج ممَّا (٢) ذكرنا أن الأدلة النقلية لا يجوز التمسك بها في باب المسائل العقلية. نعم، يجوز التمسك بها في المسائل النقلية، تارةً لإفادة اليقين كما في مسألة الإجماع [ق ٨٨ أ] وخبر الواحد، وتارةً لإفادة الظن كما في الأحكام الشرعية». انتهى.

فليتدبَّر المؤمن هذا الكلام، وليرُدَّ أوله على آخره وآخره على أوله ليتبيَّن له ما ذكرناه عنهم من العزل (٣) التام للقرآن والسُّنَّة عن أن يستفاد منهما علمٌ أو يقين في باب معرفة الله، وما يجب له وما يمتنع عليه، وأنه لا يجوز أن يُحتج بكلام الله ورسوله في شيءٍ من هذه المسائل.

وأن الله تعالى يجوز عليه التلبيس والتدليس على الخلق، وتوريطهم في طُرق الضلال، وتعريضهم لاعتقاد الباطل والمحال.

وأن العباد مقصرون غاية التقصير إذا حملوا كلام الله ورسوله على حقيقته وقطعوا بمضمون ما أخبر به حيث لم يشكوا في ذلك، إذ قد يكون في العقل ما يعارضه ويناقضه، فإن غاية ما يمكن أن يُحتج بكلام الله ورسوله عليه من الجزئيات ما كان مثلَ الإخبار بأن على قُلَّة جبل قاف غُرابًا صفته كيت وكيت، أو على مسألة الإجماع وخبر الواحد.

وأن مقدِّمات أدلة القرآن والسُّنَّة غير معلومةٍ ولا متيقنة الصحة، ومقدمات أدلة أرسطو ـ صاحب المنطق ـ والفارابي وابن سينا وإخوانهم قطعيةٌ معلومة الصحة.


(١) «نهاية العقول» (١/ ١٤٦).
(٢) «ح»: «ما». والمثبت من «م»، «نهاية العقول».
(٣) «ح»: «العدل». والمثبت من «م».