للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يُعارضه؛ لاستحالة التعارض في العلوم البديهية».

ثم قال (١): «فإن قيل: إن الله سبحانه لمَّا أسمع المكلف الكلام الذي يُشعر ظاهره بشيءٍ، فلو كان في العقل ما يدل على بطلان ذلك الشيء وجب عليه سبحانه أن يُخطِر ببال المكلف ذلك الدليل، وإلَّا كان ذلك تلبيسًا من الله تعالى، وإنه غير جائز.

قلنا: هذا بناء على قاعدة الحُسن والقُبح، وأنه يجب على الله سبحانه شيءٌ، ونحن لا نقول بذلك. سلمنا (٢) ذلك، فلِمَ قلتم: إنه يجب على الله أن يُخطِر ببال المكلف ذلك الدليل العقلي؟ وبيانه أن الله تعالى إنما يكون ملبسًا على المكلف لو أسمعه كلامًا يمتنع عقلًا أن يريد به إلَّا ما أشعر به ظاهره. وليس الأمر كذلك؛ لأن المكلف إذا سمع ذلك الظاهر [ثم إنه يجوز أن يكون هناك دليل على خلاف ذلك الظاهر] (٣) فبتقدير أن يكون الأمر كذلك لم يكن مراد الله من ذلك الكلام ما أشعر به الظاهر، فعلى هذا إذا أسمع الله تعالى المكلف ذلك الكلام فلو قطع المكلف بحمله على ظاهره مع قيام الاحتمال الذي ذكرنا كان ذلك التقصير (٤) واقعًا من المكلف لا من قِبَل الله تعالى، حيث قطع لا في موضع القطع.

فثبت أنه لا يلزم من عدم إخطار الله تعالى ببال المكلف ذلك الدليل العقلي المعارض للدليل السمعي أن يكون مُلبِّسًا».


(١) «نهاية العقول» (١/ ١٤٥ - ١٤٦).
(٢) «نهاية الإقدام»: «ثم إن سلمنا».
(٣) ليس في «ح»، «م». وأثبته من «درء التعارض» (٥/ ٣٣٤) و «نهاية الإقدام».
(٤) «نهاية الإقدام»: «التقدير التقصير».