للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقتضي خلاف ظاهره. ولا طريق لنا إلى إثبات ذلك إلَّا من وجهين:

إمَّا أن نقيم دلالة عقلية على صحة ما أشعر به ظاهر الدليل النقلي، وحينئذٍ يصير الاستدلال بالنقل فضلًا غير محتاج إليه.

وإمَّا بأن نزيف أدلة المنكرين لما دلَّ عليه ظاهر النقل، وذلك ضعيفٌ لما بيَّنا من أنه لا يلزم من فساد ما ذكروه ألَّا يكون هناك معارض أصلًا، إلَّا أن نقول: إنه لا دليل على هذه المعارضات فوجب نفيه (١)، ولكنا زيَّفنا هذه الطريقة ـ يعني: انتفاء الشيء لانتفاء دليله ـ أو نقيم (٢) دلالةً قاطعةً على أن المقدمة الفلانية غير معارضة لهذا النصِّ، ولا المقدمة الأخرى، وحينئذٍ نحتاج إلى إقامة الدليل على أن كل واحدةٍ من هذه المقدِّمات التي لا نهاية لها غير معارضة لهذا الظاهر.

فثبت أنه لا يمكن حصول اليقين بعدم ما يقتضي خلاف الدليل النقلي، وثبت أن الدليل النقلي تتوقف إفادته لليقين على ذلك، فإذًا الدليل النقلي تتوقف إفادته اليقين على مقدمة غير يقينية، وهي عدم دليل عقلي، وكل ما يبتنى صحته على ما لا يكون يقينًا لا يكون هو أيضًا يقينًا، فثبت أن ذلك الدليل النقلي من هذا القسم لا يكون مفيدًا لليقين».

قال: «وهذا بخلاف الأدلة العقلية، فإنها مركبة من مقدِّمات لا يُكتفى فيها بألَّا يُعلم فسادها، بل لا بد وأن يُعلم بالبديهة صحتها، أو (٣) يُعلم بالبديهة لزومها ممَّا عُلم صحته بالبديهة، ومتى كان كذلك استحال أن يُوجد


(١) بعده في «ح»: «على». وهي زائدة.
(٢) «ح»: «ويقيم». والمثبت من «م» و «نهاية العقول».
(٣) «ح»: «إذ» والمثبت من «نهاية العقول».