للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئًا البتةَ إذ لم يقم (١) به فعلٌ، وفاعلٌ بلا فعل محالٌ في بدائه العقول.

فلو صحتْ هذه الطريق نفتِ الصانع، وصفاته وأفعاله، وكلامه، وخلقه للعالم، وتدبيره له. وما يثبته أصحاب هذه الطريق من ذلك لا حقيقة له، بل هو لفظٌ لا معنى له. فأنتم تثبتون ذلك (٢) وتُصرِّحون بنفي لوازمه البينة التي لا ريب في لزومها، فتثبتون ما لا حقيقة له، بل ما يخالف العقل الصريح، كما تنفون ما دلَّ العقل الصريح على إثباته، فهي مستلزمة لإنكار جميع الصِّفات والأفعال والعلو والكلام، وذلك يستلزم نفي الرسالة، فحقيقتها جحد الرِّسالة والمرسل، ولوازمها الباطلة أكثر من مائة لازم لا تُحصى إلَّا بكلفة.

فأول لوازمها نفي الصِّفات، ونفي الأفعال، ونفي العلو، ونفي الكلام، ونفي الرُّؤية.

ومن لوازمها: القول بخلق القرآن. وبهذه الطريق استُجيز ضرب الإمام أحمد، لما قال بما يخالفها من إثبات الصِّفات، وتكلم الله بالقرآن، ورؤيته في الدار الآخرة. وكان أرباب هذه الطريقة هم المستولين على الخليفة، فقالوا له: اضرب عنقه فإنه كافرٌ مشبِّهٌ مجسمٌ. فقيل له: إنك إن قتلته ثارت عليك العامة، ولم تأمن مَعَرَّتهم. فأمسَكوا عن قتله لذلك بعد الضرب الشديد.

ومن لوازمه: أن الربَّ تعالى كان مُعطَّلًا عن الفعل من الأزل، والفعل ممتنعٌ عليه، ثم انقلب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي بغير موجبٍ في


(١) «ح»: «يتم». والمثبت من «م».
(٢) زاد بعده في «ح»: «لا حقيقة له بل هو لفظ لا معنى له». وهي عبارة زائدة ليست في «م».