للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السادس: قوله: {صِرَاطَ اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ونعمته عليهم (١) وفعله القائم به، وهو الإنعام، فلو لم يقم به فعل الإنعام لم يكن للنعمة وجود البتة.

السابع: قوله: {غَيْرِ اِلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وهم الذين غضب الله عليهم بعدما أوجدهم وقام بهم سبب الغضب؛ إذ (٢) الغضب على المعدوم محالٌ.

وقد ثبت (٣) عن النبي [ق ٩٤ ب] - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: {اِلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اِلْعَالَمِينَ}. يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي. فإِذَا قَالَ {اَلرَّحْمَنِ اِلرَّحِيمِ}. يَقُولُ اللَّهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. فَإِذَا قَالَ: {مَلِكِ يَوْمِ اِلدِّينِ}. قَالَ اللَّهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. قَالَ اللَّهُ: هَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، نِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي [وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ] (٤). فَإِذَا قَالَ: {اُهْدِنَا اَلصِّرَاطَ اَلْمُسْتَقِيمَ} إِلَى آخِرِهَا، قَالَ اللَّهُ: هَذَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» (٥).

فهذه أدلة من الفاتحة وحدها. فتأمل أدلة الكتاب العزيز بعدُ على هذا الأصل تجدها فوق عدِّ العادِّين، وإحصاء المُحصين، حتى إنك تجد في الآية الواحدة على اختصار لفظها عدة أدلة، كقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: ٨١] ففي هذه الآية عدة أدلةٍ:

أحدها: قوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ} وهذا أمر التكوين الذي لا يتأخر عنه أمر المكوَّن، بل يعقبه.


(١) «ونعمته عليهم» ليس في «م».
(٢) «ح»: «أي». والمثبت من «م».
(٣) «ح»: «يثبت». والمثبت من «م».
(٤) سقط من «ح». وأثبته من «م».
(٥) أخرجه مسلم، وقد تقدم (ص ٥٨٠) تخريجه.