للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حمد نفسه عليها في كتابه، وحمده عليها رسله وملائكته والمؤمنون من عباده، فمن لا فعل له البتة كيف يُحمد (١) على ذلك، فالأفعال هي المقتضية للحمد. ولهذا تجده مقرونًا بها كقوله: {اِلْحَمْدُ لِلَّهِ اِلَّذِي خَلَقَ اَلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضَ} [الأنعام: ١] {اُلْحَمْدُ لِلَّهِ اِلَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: ٤٢] {اِلْحَمْدُ لِلَّهِ اِلَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ اِلْكِتَابَ} [الكهف: ١] {اِلْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ اِلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضِ} [فاطر: ١].

الثاني: قوله: {رَبِّ اِلْعَالَمِينَ} وربوبيته للعالم تتضمن تصرفه فيه، وتدبيره له، ونفاذ أمره كل وقتٍ فيه، وكونه معه كل ساعةٍ في شأنٍ، يخلق ويرزق، ويُميت ويُحيي، ويخفض ويرفع، ويُعطي ويمنع، ويُعزُّ ويُذلُّ، ويُصرف الأمور بمشيئته (٢) وإرادته، وإنكار ذلك إنكار لربوبيته وإلهيته وملكه.

الثالث: قوله: {اَلرَّحْمَنِ اِلرَّحِيمِ} وهو الذي يرحم بقدرته ومشيئته من لم يكن راحمًا له قبل ذلك.

الرابع: قوله: {مَلِكِ يَوْمِ اِلدِّينِ} والملك هو المتصرف فيما هو مَلِكٌ عليه ومالكٌ له، و من لا له تصرف ولا يقوم به فعلٌ البتةَ لا يُعقل له ثبوت مُلكٍ ولا مِلكٍ.

الخامس: قوله: {اُهْدِنَا اَلصِّرَاطَ اَلْمُسْتَقِيمَ} فهذا سؤالٌ لفعلٍ يفعله بهم، لم يكن موجودًا قبل ذلك، وهو الهداية التي هي فعله، فيترتب عليها الاهتداء، الذي هو مطاوع، وهو فعلهم.


(١) «ح»: «الحمد». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «بمشيئة». والمثبت من «م».