للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصنام أعرف به منك، وأقرب إلى الحق والصواب منك.

وأمَّا فرارك من قيام الأمور المتجددة به ففررت من أمرٍ لا يثبت كونه إلهًا وربًّا وخالقًا إلَّا به، ولا يتقدر كونه صانعًا لهذا العالم مع نفيه أبدًا. وهو لازم لجميع طوائف (١) أهل الأرض على اختلافهم حتى للفلاسفة الذين هم أبعد الخلق من إثبات الصِّفات والأفعال، هو لازم لهم لزومًا لا انفكاك لهم عنه. ولهذا قال بعض عقلاء الفلاسفة: «إنه لا يتقرَّر كونه ربًّا للعالمين إلَّا بإثبات ذلك». ثم قال: «والإجلال من هذا الإجلال واجبٌ، والتنزيه من هذا التنزيه متعينٌ» (٢).

قال بعض أهل العلم: «وهذه المسألة يقوم عليها قريب (٣) من ألف دليلٍ عقليٍّ وسمعيٍّ، والكتب الإلهية والنصوص النبوية ناطقةٌ بذلك، وإنكاره إنكارٌ لما عُلم بالضرورة من دين الرُّسل أنهم جاؤوا به» (٤).

ونحن نقول: إن كل سورةٍ من سور القرآن تتضمن إثبات هذه المسألة، وفيها أنواع من الأدلة عليها، فأدلتها تزيد على عشرة آلاف دليلٍ.

فأول سورةٍ من القرآن تدل عليها من وجوهٍ كثيرةٍ، وهي سورة أم الكتاب. فإن قوله: {اِلْحَمْدُ لِلَّهِ} يدل عليها، فإنه سبحانه يُحمد على أفعاله،


(١) «ح»: «الطوائف». والمثبت من «م».
(٢) نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٦/ ١٥١) لابن الخطيب يعني الفخر الرازي.
(٣) «ح»: «رتب». والمثبت من «م».
(٤) لم أقف على تسمية قائل ذلك، غير أن المصنِّف قال نحوه في «بدائع الفوائد» (١/ ٢٦١).