للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السماوات. ألا ترى أن الله سبحانه ذكر السماوات فقال: {وَجَعَلَ اَلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: ١٦] ولم يرد أن القمر ملأهن جميعًا، وأنه فيهن جميعًا؟

ورأينا المسلمين جميعًا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء؛ لأن الله عز وجل مستوٍ على العرش الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا [يحطونها] (١) إذا دعوا نحو الأرض».

قال (٢): «وقال قائلون من الجهمية والمعتزلة والحرورية: إن معنى قوله: {اَلرَّحْمَنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى} [طه: ٤] أنه استولى وملك وقهر، وأن الله في كل مكان. وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة».

قال (٣): «ولو كان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة؛ لأن الله قادرٌ على كل شيءٍ، والأرض فالله قادر عليها، وعلى كل ما في العالم، فلو كان الله مستويًا (٤) على العرش بمعنى الاستيلاء وهو سبحانه مستولٍ على الأشياء كلها؛ كان مستويًا على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش والأقذار؛ لأنه قادرٌ على الأشياء ومستولٍ عليها. وإذا كان قادرًا على الأشياء كلها ولم يجز عند أحدٍ من المسلمين أن يقول: إن الله مستوٍ على الحشوش والأخلية؛ لم يجز أن يكون الاستواء على


(١) «ح»: «يحيطونها». والمثبت من «الإبانة».
(٢) «الإبانة» (ص ١٠٨).
(٣) «الإبانة» (ص ١٠٨ - ١٠٩).
(٤) «ح»: «مستو». والمثبت من «الإبانة».