للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «كل ذلك يدل على أنه ليس في خلقه، ولا خلقه فيه، وأنه مستوٍ على عرشه. سبحانه وتعالى عمَّا يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، الذين لم يثبتوا له في وصفهم حقيقة، ولا أوجبوا له بذكرهم إيَّاه وحدانية؛ إذ كلامهم يؤول إلى التعطيل، وجميع أوصافهم [ق ٩٧ ب] تدل على النفي، يريدون بذلك ـ زعموا ـ التنزيه، ونفي التشبيه. فنعوذ بالله من تنزيه يوجب النفي والتعطيل».

ووجه استدلاله بهذه النصوص أنها صريحة في المباينة والمقابلة والوقوف بين يديه، ولو كان غير داخل في العالم ولا خارجه لم يصح شيءٌ من ذلك. فهذه النصوص صريحةٌ في مباينته (١) العالم، ومقابلته للواقف بين يديه، حتى يكون ناكس الرأس قدَّامه، فلو لم يكن فوق العرش بطلت هذه النصوص جملةً.

قال الأشعري (٢): «وروت العلماء عن ابن عباسٍ أنه قال: «تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في ذات الله، فإن بين كرسيِّه إلى السماء ألف عام، والله عز وجل فوق ذلك».

وهذا الحديث قد رواه أبو أحمد العسال في كتاب «المعرفة» (٣) من


(١) «ح»: «مباينة». ولعل المثبت هو الصواب، وينظر «درء التعارض» (٦/ ٢٠٣).
(٢) «الإبانة» (ص ١١٨).
(٣) نسبه له ابن تيمية في «درء التعارض» (٦/ ٢٠٣ - ٢٠٤). والحديث أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (٢٢) من طريق عبد الوهاب الوراق به. وتابعه عاصم بن علي عن أبيه به، أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (١٠٨) والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٦١٨، ٨٨٧) وأخرجه ابن أبي شيبة في «العرش» (١٦). وقال الذهبي في «العرش» (٢ ١٣٤): «رواه البيهقي في «الصفات» وأبو الشيخ الأصبهاني في كتاب «العظمة» وغيرهما بإسنادٍ حسنٍ عنه». وقال ابن حجر في «فتح الباري» (١٣/ ٣٨٣): «وحديث ابن عباس: «تَفكَّروا في كل شيءٍ، ولا تَفكَّرُوا في ذات الله» موقوف، وسنده جيدٌ».
وقد روي مرفوعًا من طرق أخرى، وفي أسانيدها ضعف شديد، وحسَّنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (١٧٨٨).