للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: «جئت الشافعي بعدما كلم حفصًا الفرد، فقال: غبت عنَّا يا أبا موسى، لقد اطلعت من أهل الكلام على شيءٍ ما توهمته قط، ولأن يُبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه ما خلا الشرك (١) بالله خيرٌ له من أن يبتلى بالكلام».

وقال الإمام أحمد: «علماء الكلام زنادقة» (٢).

قال شيخنا (٣): «والكلام الذي اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذمِّه، وذمِّ أصحابه، والنهي عنه، وتجهيل أربابه، وتبديعهم وتضليلهم = هو هذه الطُّرق الباطلة التي بنوا عليها نفي الصِّفات والعلو والاستواء على العرش، وجعلوا بها القرآن مخلوقًا، ونفوا بها رؤية الله في الدار الآخرة وتكلمه بالقرآن وتكليمه لعباده، ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا، ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده؛ فإنهم سلكوا فيه طُرقًا غير مستقيمة، واستدلوا بقضايا متضمنة للكذب، فلزمهم بها مسائل خالفوا بها نصوص الكتاب والسُّنَّة وصريح المعقول. وكانوا جاهلين كاذبين ظالمين في كثيرٍ من مسائلهم ورسائلهم، أحكامهم (٤) ودلائلهم.

وكلام السلف والأئمة في ذلك مشهور. وما من أحد قد شدا طرفًا من العلم إلَّا وقد بلغه من ذلك بعضه، لكن كثيرًا من الناس لم يحيطوا علمًا بكثيرٍ من أقوال السلف والأئمة. وقد أفرد الناس في ذلك مصنَّفاتٍ، مثل


(١) «ح»: «بالشرك». والمثبت من «تبيين كذب المفتري».
(٢) ذكره الغزالي في «إحياء علوم الدين» (١/ ٩٥) وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص ٧٥) وذكره ابن تيمية في «درء التعارض» (٧/ ١٥٧) وغيره.
(٣) «درء التعارض» (٧/ ١٤٤ - ١٦٧) مطولًا.
(٤) في «درء التعارض»: «وأحكامهم». وذكر المحقق أنه في نسخة بغير واو كما هنا.