للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي عبد الرحمن السلمي، ومثل شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وسمَّى كتابه «ذم الكلام وأهله».

وممَّن ذكر اتفاق السلف على ذلك: أبو حامد الغزالي في أجلِّ كتبه، الذي سماه «إحياء علوم الدِّين» [ق ٩٩ ب] قال فيه (١): «فإن قلت: فعلم الكلام والجدل مذمومٌ كعلم النجوم، أو هو مباحٌ، أو مندوبٌ إليه؟ فاعلم أن للناس في هذا غلوًّا وإسرافًا في الطرفين. فمن قائلٍ: إنه بدعةٌ وحرامٌ، وإن العبد أن يلقى الله بكل ذنبٍ سوى الشرك خير له من أن يلقاه بالكلام. ومن قائلٍ: إنه واجبٌ فرضٌ، إما على الكفاية أو على الأعيان، وإنه أجلُّ الأعمال وأعلى القُربات، وإنه تحقيقٌ لعلم التوحيد ونضال عن دين الله».

قال: «وإلى التحريم ذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان وجميع أهل الحديث من السلف». ثم ذكر بعض نصوص الشافعي التي تقدمت.

قال: «وقال أحمد بن حنبل: لا يُفلح صاحب الكلام أبدًا، ولا تكاد ترى أحدًا نظر في الكلام إلَّا وفي قلبه دَغَلٌ (٢)».

قال: «وبالغ فيه حتى [هَجَرَ] (٣) الحارث المحاسبي».

قال: «وقال الإمام أحمد أيضًا: علماء الكلام زنادقة».


(١) «إحياء علوم الدين» (١/ ٩٤ - ٩٨) مطولًا.
(٢) الدغل بالتحريك: الفساد، مثل الدخل. يقال: قد أدغل في الأمر، إذا أدخل فيه ما يخالفه ويفسده. «الصحاح» (٤/ ١٦٩٧).
(٣) أثبته من «إحياء علوم الدين» و «درء التعارض».