للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا آلهة. (١) قالوا: وإنما قال ذلك لهم، معارضةً، كما يقول أحد المتناظرين لصاحبه معارضًا له في قولٍ باطلٍ قال به بباطل من القول، (٢) على وجه مطالبته إياه بالفُرْقان بين القولين الفاسدين عنده، اللذين يصحِّح خصمه أحدَهما ويدعي فسادَ الآخر.

* * *

وقال آخرون منهم: بل ذلك كان منه في حال طفولته، (٣) وقبل قيام الحجة عليه. وتلك حال لا يكون فيها كفر ولا إيمان.

* * *

وقال آخرون منهم: إنما معنى الكلام: أهذا ربي؟ على وجه الإنكار والتوبيخ، أي: ليس هذا ربي. وقالوا: قد تفعل العرب مثل ذلك، فتحذف"الألف" التي تدلّ على معنى الاستفهام. وزعموا أن من ذلك قول الشاعر: (٤)

رَفَوْنِي وَقَالُوا: يَا خُوَيْلِدُ، لا تُرَعْ! ... فَقُلْتُ، وأَنْكَرْتُ الوُجُوهَ: هُمُ هُمُ? (٥)

يعني: أهم هم؟ قالوا: ومن ذلك قول أوس: (٦)

لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي، وَإنْ كُنْتُ دَارِيًا، ... شُعَيْثَ بنَ سَهْمٍ أم شُعَيْثَ بْنَ مِنْقَرِ (٧)


(١) في المطبوعة والمخطوطة: "والأصنام التي دونها في الحسن"، وفي المخطوطة: "فأحق"، ورأيت السياق يقتضي ما أثبت، مع زيادة [هي] بين القوسين.
(٢) السياق: معارضا له. . . بباطل من القول.
(٣) في المطبوعة: "طفوليته"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) هو أبو خراش الهذلي.
(٥) ديوان الهذليين ٢: ١٤٤، الخزانة ١: ٢١١ واللسان، (رفأ) (رفو) ، وغيرها كثير. هي مطلع شعر له في فرة فرها على رجليه، فوصف ذلك وحسن فرته. وقوله: "رفوني"، أي: سكنوني، كأن قلبه قد طار شعاعًا، فضموا بعضه إلى بعض. يقال: "رفوته من الرعب" و"رفأته".
(٦) ينسب أيضًا للأسود بن يعفر النهشلي، واللعين المنقري.
(٧) سيبويه ١: ٤٨٥، البيان والتبين ٤: ٤٠، ٤١، الكامل ١: ٣٨٤، ٢: ١١٥، الخزانة ٤: ٤٥٠، شرح شواهد المغني: ٥١، وغيرها كثير. قال الجاحظ: "وذكروا أن حزن بنالحارث، أحد بني العنبر، ولد"محجنًا"، فولد محجن: "شعيب بن سهم"، فأغير على إبله، فأتى أوس بن حجر يستنجده، فقال له أوس: أو خير من ذلك، أحضض لك قيس بن عاصم! وكان يقال إن"حزن بن الحارث" هو"حزن بن منقر"، فقال أوس: سَائِلُ بِهَا مَوْلاَكَ قَيْسَ بن عَاصِمٍ ... فَمَوْلاَكَ مَوْلَى السَّوْءِ إنْ لَمْ يُغَيِّرِ
لَعَمْرُكَ مَا أدْرِي: أمِنْ حزن مِحْجَنٍ ... شُعَيْثُ بن سَهْمٍ أمْ لِحَزْنِ بن مِنْقَرِ
فَما أنْتَ بالمَوْلَى المُضَيِّعِ حَقَّهُ ... وَمَا أنْتَ بِالْجَارِ الضَّعِيفِ المُسَترِ
فسعى قيس في إبله حتى ردها على آخرها". والبيت برواية الجاحظ لا شاهد فيه. وكان في المطبوعة في المواضع كلها: "شعيب" بالباء، وهو خطأ. وفي المطبوعة: "أو شعيب" والصواب"أم" كما في المخطوطة وسائر الروايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>