الأشجار التي توجد في بساتين حلب وأعمالها وجبالها منها شجر الكرم الذي لا تكاد أنواعه تدخل تحت الحصر ويزرع سقيا وعذيا أقلاما في أواسط شباط ويثمر عنبا بعد ثلاثة أعوام في تموز ويقطف إلى أوائل الشتاء متعاقبا على اختلاف أنواعه. ويعمل من الأبيض منه، في عينتاب ومرعش وبيلان، العرق المسكر وأنواع الحلاويّ كالدبس والبصطيق (جلد الفرس) ومن الأسود منه الخمر والخل. ويوجد منه نوع أسود حالك في جهات القصير يعرف بالبكّاري يتغالى شرّاب الخمر في خمره ويباع منه كل سنة في حلب قناطير مقنطرة لأجل اعتصاره خمرا. وكلها تيبس زبيبا أما العنب الموجود في برية حلب وجهة تادف والباب فلا يستعمل لغير الأكل. وقد أدركنا حلب وليس في بريتها شيء من هذا الشجر. ثم في سنة ١٢٧٦ التفت الناس لغرسه فنجح وكثر حتى عم برية حلب. وأكثر أنواع هذا الشجر موجود في البيوت والبساتين من حلب وأعمالها، وتعظم شجرته وتحمل على عريشة وينتفع الناس من حصرمها وورقها كثيرا وعنبها قليلا. وربما ظلت الدالية في بيوت حلب مسافة عشرين ذراعا في مثلها وقد يبلغ حملها من الحصرم إذا كانت سباعية قنطارين بالوزن الحلبي، والسباعية هي التي تحمل في كل عام سبع مرات متوالية.
ومنها شجر الزيتون وهو نوعان زيتي للزيت وخلاخلي يحلى بالماء أو بالقلا والكلس ويؤكل فقط. وأكثر زيتون بساتين حلب من الخلاخلي وقلما يسلم من الصقيع. ومعظم النوع الأول في كلّيس وهو أجود أنواعه ثم في القصير ثم في سلقين ثم في إدلب فأرمناز وكفر تخاريم ومرعش ويزرع قطعة من أصول جذعه في أربعينية الشتاء ويثمر مع الخدمة والاعتناء بعد سبعة أعوام ويدرك في أيلول.
ومنها الفستق ويكون أنواعا عديدا وهو من خصائص مدينة حلب في سوريا ومحله الآخر جبال قلعة الروم وفيها معظمه ثم في جهات برية حلب فقط. وكيفية زرعه أن ترمي منه حبة في الأرض في أول الأربعينية وتتعهد بالسقي مدة سنتين وتكون قد نبتت بعد ثلاثة أشهر من رميها ثم بعد السنتين تحول نبتة (شتلة) إلى حفرة لها وتتعهد بالسقي مدة سنة ثم تترك حتى يتم على تحويلها أربعة أعوام وحينئذ تصير شجرة في ارتفاع قامة الإنسان فيطعمونها من النوع المطلوب ببراعمه ويعرف عندنا بطعم السمسمة فتثمر من ذلك النوع.