وظن بعض المؤلفين أن إيذسا بنيت أيام نمرود أي سنة (٢٠٠٠) قبل المسيح. وقال آخرون إنها بنيت سنة ٤٠٠٠ قبل المسيح في أيام السلوقيين ولعل بناءها كان في زمن قديم جدا. ثم جددها السلوقيون ويقال إن نهر سيكرتوس كان قد أغرق المدينة وهدم أحسن أبنيتها وكان حاكمها يوستنيانوس فرمّ كل هذه الأبنية ومنها كنيسة مسيحية وعمل قنى تنصب إليها المياه الفائضة وقاية من حادثة أخرى وصارت إيذسا بعد السلوقيين قاعدة الملوك المعروفين باسم أبجر.
واستولى عليها الرومان في أيام ترايانوس وصارت في أيامهم قصبة المقاطعة الرومانية وزادوا في تحصينها وأنشؤوا فيها معامل الأسلحة والتروس وأذخروها بالمهمات الحربية.
ثم استولى عليها الساسانية من الفرس ثم دخلت في أيدي المسلمين كما سنبينه. ولما ملكها السلجوقية ضمّوها إلى مملكتهم سنة ٤٣٢ وأخذها الصليبيون سنة ٣١٩ وصارت قاعدة كونتية ايذسا ثم عادت إلى الفرس بعدهم واستولى عليها بنو عثمان في أيام السلطان مراد خان الرابع سنة ١٠٤٧.
[تشخيص مدينة أورفه وموقعها]
وهي الآن مدينة عظيمة واقعة على سفح جبلين وتمتد إلى حفتي نهر إبراهيم الذي يؤلف هناك بحيرة صغيرة تسمى بركة إبراهيم مياهها عذبة يوجد فيها سمك كثير يزعمون أنه يخص إبراهيم فلا يصطادونه غير أن المسيحيين لا يعبؤون بذلك فيصطادونه كلما سنحت لهم الفرصة. وتبعد المدينة عن ديار بكر ١٨٠ كيلو مترا إلى الجنوب ومحيطها بين ثلاثة أميال أو أربعة وأسواقها ضيقة نظيفة تجري فيها المياه بواسطة قنى وفيها كرسي أسقفية أرمنية.
[المقامات العالية في أورفه وغيرها]
وفيها مقام إبراهيم وهو جامع حسن جانب البركة المذكورة وله ثلاث قباب يحيط به السرو ومقام لأيوب الصديق وأضرحة شريفة لجابر الأنصاري وأبي عبيدة بن الجرّاح والبديع الهمذاني والمسعود الخراساني وآثار برج قديم يقال له قصر نمرود. وفيها معامل لأنسجة