وفي هذه السنة كان افتتاح الجادة العظيمة المعروفة بجادة باب الفرج بحلب. وكان في العزم أن يجعلوها مسامتة طريق العربية، مبتدئة من جسر الناعورة ثم تقطع بمرورها بستان الكلاب حتى تتصل بالخندق الكبير فتمتد مستقيمة إلى محلة العوينة، ومنها تنعطف حتى تنتهي إلى تجاه دار الحكومة. ثم إن هذا العزم لم يتيسر إنفاذه وفتحت الجادة المذكورة من جسر الناعورة إلى باب الفرج فقط.
وفي ليلة الأربعاء ثالث عشر صفر سنة ١٣٠٢ المصادف اليوم الحادي والثلاثين من تشرين الأول سنة ١٣٠٠ رومية هطلت السماء بالأمطار الغزيرة وانكفأت كأفواه القرب في جهات الجوم، ثم حملت على جسر عفرين فهدمت منه قنطرتين، وكان السيل قد اقتلع ألوفا من الشجر وساقها، وهدم طاحونين عن آخرهما، وأغرق شخصين وبعض جمال. وفي هذه الليلة أيضا حمل نهر الذهب وأغرق شخصين ومقدارا عظيما من الحبوب والأمتعة. ودخل السيل طاحونا في قرية من أعمال منبج يقال لها «عرب حسن» فهدمه عن آخره بعد أن اختطف منه سبعين عدلا من الدقيق والحبوب.
[إنشاء جامع منبج:]
في هذه السنة كمل تعمير الجامع الحميدي في قصبة منبج وكانت نفقاته من الخزينة الخاصة بالسلطان عبد الحميد خان الثاني، وتوجه للحضور في حفلة افتتاحه والي الولاية ورؤساء الحكومة وإدارة الجفتلك السلطاني، فاجتمع هناك جمّ غفير من الأكابر والأعيان وسكان القرى المجاورة، وأحرقت الملاعب الناريّة، ودارت كؤوس المرطبات. وفي اليوم الخامس والعشرين رمضان المصادف لمثله من حزيران سنة ١٣٠١ وقع مطر خفيف وانتشر معه جراد كثير من الشمال إلى الشرق، وهذا الجراد لم يزل يتردد على حلب وبلادها إلى سنة ١٣٠٨ وفي ليلة السبت ٢٨ صفر سنة ١٣٠٣ المصادف الثالث والعشرين تشرين الثاني سنة ١٣٠١ رومية في رادة الساعة الخامسة منها، سطع شيء في السماء كالكوكب المحترق، ثم أخذت الكواكب الصغار تتطاير ألوفا، ثم انعكس الهواء بغتة واشتد إيماض البرق وانكفأت السحب كأفواه القرب. وفي شهر ربيع الأول سبق رديف ولاية حلب إلى جهة الروملّي الشرقي وقدره أحد عشر طابورا.