وفي سنة ٦٨٢ كاتب الحكام بقلعة الكحنا قراسنقر نائب حلب وسلموها لعسكره وصارت من أعظم الثغور الإسلامية. وفي سنة ٦٨٨ جمع تنقرا نائب التتر بملطية جمعا كثيرا وأغار على بلد كركور فجهز إليهم قراسنقر نائب حلب عسكرا وأمراء إلى بلاد الروم فوصلوا قلعة قراسار- وهي من أحصن القلاع- فحاولوها فيسّر الله فتحها عليهم، وأخذ النائب بها غرس الدين أسيرا وهو من أعيان أمراء المغل. ثم قصد العسكر قلعة زمطر ففتحوها عنوة وقتلوا من فيها من المقاتلة. ومن العجائب أن من سلم من هذه الوقعة من أعيان المغل وهرب التجأ إلى ملطية فنزلوا بدار كبيرة فسقطت عليهم فماتوا تحت الردم.
وفي سنة ٦٩٠ كملت عمارة القلعة وكان قد شرع قراسنقر بعمارتها في أيام السلطان الملك المنصور فتمت في أيام الملك الأشرف فكتب اسمه عليها، وكان خربها هولاكو سنة ٦٥٨ فلبثت خرابا نحو ثلاث وثلاثين سنة.
[انقراض دولة الصليبيين من سوريا وفلسطين:]
وفي هذه السنة أعني سنة ٦٩٠ فتح الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن الملك المنصور قلاوون مدينة عكا وأخذها من الصليبيين. وغنم منها ما لا يكاد يحصى. وقد ضعف أمر الصليبيين الذين هم بساحل سوريا فأخلوا صيدا وبيروت وصور وغيرها مما كان باقيا في أيديهم. وبذلك انتهت دولتهم من سوريا وسواحلها بعد أن كادوا يستولون على مصر.
[وصول الملك الأشرف إلى حلب وفتحه قلعة الروم:]
وفي سنة ٦٩١ وصل إلى حلب الملك الأشرف صاحب مصر ومعه جيش كبير من العساكر قاصدا فتح قلعة الروم من الأرمن. فسار إليها ونازلها ونصب عليها المجانيق ودام الحصار عليها حتى فتحت بالسيف يوم السبت حادي عشر رجب، وقتل من أهلها وسبى من ذراريها عدة كثيرة، واعتصم كتاغيكوس خليفة الأرمن فيها وغيره في القلعة، ثم طلبوا الأمان فأمنهم على أرواحهم خاصة وأن يكونوا أسرى عن آخرهم، ورتب السلطان علم الدين سنجر لتحصينها وإصلاحها وعاد إلى دمشق. وفي مرور السلطان من حلب عزل نائبها قراسنقر المنصوري وولّى مكانه سيف الدين بلبان المعروف بالطباخ، وكان نائب الفتوحات ومقامه بحصن الأكراد، فولّى مكانه عز الدين أيبك الخزندار المنصوري. وفي