الأتراك من مذمة أبناء العرب وشتمهم وسبهم بكل صراحة، وقذفهم العرب بالغدر والخيانة وتهديدهم بالمهلكات في مستقبل أيامهم. وكنا نسمع هذا الكلام وأشباهه من الأتراك المعدودين من عقلائهم فضلا عما كنا نسمعه من غوغائهم وجهالهم حتى من بعض النساء والصبيان. وهذا كله عدا ما كنا نراه صريحا واضحا في الصحف التركية من العبارات الدالة على استخفاف الأتراك بالعرب وقلة اكتراثهم بصداقتهم.
وذلك أن طائفة من الاتحاديين الطائشين كانوا ينادون بالصحف الإخبارية التركية أن الواجب على كتبة الأتراك وأدبائهم أن يطرحوا من كتاباتهم الكلمات العربية ويهجروها من كلامهم بتاتا، ويقتصروا في عباراتهم على اللغة التركية المحضة التي هي لغة «جفطاي» أحد أجدادهم، وأن طائفة من الأتراك كانوا يقولون بلزوم ترك تلقيب السلطان بالخليفة، وأن يكون عنوان السلطان (ايمبراطور) ، وأن تضرب الحكومة التركية الصفح عن بلاد العرب التي لا خير فيها، وتقتصر على البلاد التي يسكنها العنصر التركي فقط، وأن تصرف فكرتها إلى افتتاح تركستان وتجمع تحت رايتها العنصر التركي (وهي فكرة مضى أوانها) وأن لا تحفل بالعرب ولا ببلادهم.
وشاع بين الناس أن كبار زعماء الاتحاديين قرروا بأن يتركوا العرب القاطنين في البلاد العثمانية- أي يضطروهم إلى أن ينسوا لغتهم ويصيروا أتراكا- وذلك بأن ينقلوا من البلاد العربية أسرا كبيرة إلى البلاد التركية ويزاحموا البلاد العربية بنقل أسر كبيرة تركية إليها، فيتغلبوا على بقايا أهلها وتنقلب لغتهم إلى التركية. وقد باشروا تنفيذ هذا القرار بالفعل وشرعوا بإجلاء بعض أسر كبيرة من دمشق إلى البلاد التركية بغير سبب معقول.
فيا عجبا ممن كان يوسوس بهذه المخازي التي كانت السبب الأعظم في افتراق كلمة الترك عن العرب بعد اتحادها مئات من السنين، وضياع هذه البلاد العظيمة من يد الدولة العثمانية التي كان يخلص في محبتها كل ذي حميّة من العرب.
[تعليم البنات فن الرقص والتمثيل:]
وكانت قلوب المسلمين عموما والأمة العربية خصوصا- لما امتازت به عن سواها من قوة الإحساس والشعور- تزداد نفورا واشمئزازا كلما ترى صحف الأستانة تكتب المقالات الضافية في أثناء الحث على تعليم البنات وتهذيبهن، مشيرة إلى لزوم افتتاح أماكن