الاتفاق في آسيا وأفريقيا، ولا سيما الهند التي هي مصدر قوة إنكلترا. وقد رأت دولة ألمانيا وغيرها من الدول المعظمة أنه لا سبيل إلى قهر الأمة البريطانية وجعلها في عداد الدول الثانوية إلا بسلب الهند من يدها وشن الغارة عليها من جهة آسيا ما دامت مخانق البحار في قبضتها وأن الأمم الإسلامية التي تعترض طريق الوصول إليها في آسيا مما لا يستغنى عن مظاهراتهم والاستنصار بقوتهم حين الإغارة على تلك الدولة، الأمر الذي تعده ألمانيا من مقدمة المقاصد من استمالة المسلمين إليها. ولا يخفى أن الدول الإسلامية وإماراتها في آسيا يتألف منها جيوش ضخمة تملأ الفضاء، وهي في منتهى درجات القوة والشجاعة بحيث إذا أمدت بالمعدات وقادها رجال محنكون عارفون بفنون الحرب لجاء «١» منها قوة لا تلبث معها أكبر دولة حتي تهن قوتها ويتلاشى معظم ملكها.
[الفائدة الثالثة:]
رواج البضائع الألمانية والنمسوية في الممالك الإسلامية. إذ من المعلوم أن الأمة الألمانية لم تدع لباقي الأمم مجالا للسبق في ميادين الصناعة والاقتصاديات كما أسلفنا بيانه. ولا يخفى أن استثمار هذا التقدم والرقي يحتاج محصوله إلى أسواق يروج فيها، وأن أول داع لرواج البضاعة رخص أسعارها ولا شك أن البضائع الألمانية- على اختلاف أنواعها- حائزة هذه المزية، ولهذا يتهافت الناس عليها في مشارق الأرض ومغاربها حتى إن كثيرا من شعوب الدول العظام- كشعوب إنكلترا وشعوب فرانسة- يرغبون بالبضائع الألمانية عن غيرها فيقبلون على شرائها بكل رغبة ونشاط، حتى إنك لتجد في نفس جزيرة بريطانيا كثيرا من المحركات الألمانية في المعامل الكبيرة، اختارها أصحاب تلك المعامل دون غيرها لإتقانها ورخصها.
ومع كثرة ما يصرف من البضائع الألمانية في أسواق أوربا وأميركا، فإنها لم تزل كثيرة وافرة يزيد محصولها على الصادر منها زيادة عظيمة، فرأت ألمانيا أن تفتح لها أسواقا جديدة في آسيا وأفريقيا تصرف فيهما ما توفر لديها من محاصيل البضائع. ولما كان العالم الإسلامي في هاتين القارتين يعدّ من الشعوب الكبيرة فقد رغبت ألمانيا أن تستميله إليها بواسطة الخلافة الإسلامية لتنال منه رغبتها في رواج محاصيلها، فيقبل عليها وتزداد بواسطة الخلافة فوائدها