لا يمكن جرّ مائه إلى قويق لانخفاض مجراه عن نهر حلب كذا أذرع «١» . فيئس الناس من مجيئه بعد طول أملهم به.
وفي ذلك يقول بعض أصحابنا مماجنا:
قالوا أتى الساجور، قلت مجاوبا: ... ما جاء ساجور ولا خابور
قالوا: جرى في الماء محمرّا وقد ... ملأ الحياض، فقلت: ذا يغمور
يغمور كلمة تركية معناها المطر. وقال بعض المعاصرين في ذلك أيضا:
من قال إن المستحيل ثلاثة ... لم يدر رابعها فخذه بلا تعب
الغول والعنقاء والخلّ الوفي ... ومياه ساجور تجيء إلى حلب
[قناة حلب]
قناة حلب قديمة قبل الإسلام وسائقها من محلها غير معلوم إلا أنها كانت على صفة جدول يفيض من برك الخليل قرب قرية حيلان. ويجري ماؤه إلى جهة حلب فيسقي البساتين وينتهي إلى بانقوسا وما جاورها من المحلات التي كانت إذ ذاك بساتين فيفنى ماؤها فيها. ثم إن الملكة هيلانة عملت مجراها على ما هو عليه الآن وساقت ماءها إلى مباني مدينة حلب فنسبت إليها. وعلى كل حال فقد اتفق مؤرخو حلب أن ماءها في أيامهم من عيون إبراهيم الخليل بالقرب من قرية حيلان التي سبق ذكرها.
قلت: هذه العيون عبارة عن ثلاث حفائر مختلفة المساحة. تعرف إحداها في زماننا ببركة الشيخ خليل والثانية ببركة العبد أو ببركة النيلوفر، والثالثة ببركة هيلانة أو بركة الرشح. وهذه البركة أعظم الحفر، وكل واحدة من هذه الحفائر ينبع ماؤها من عيون ضمنها. وفي كل واحدة منها أسربة «٢» مطبقة مهندمة تحت الأرض قد سدت بالوحول لتقادم الزمن، والظاهر أنها أقنية مياه تجري إلى البرك من عيون فيها على نسق الأقنية السريانية أو الرومانية فلو نظفت هذه الأسربة واستقصي مصدرها لكثر الماء وكفى حلب. ثم إن