هي السلطانية تجاه باب القلعة من الجهة الجنوبية. وكان الملك الظاهر قد أسسها وتوفي سنة ٦١٣ ولم تتم وبقيت مدة بعد وفاته حتى شرع بإتمامها شهاب الدين طغريل بك أتابك الملك العزيز ابن الملك الظاهر فعمرها وكملها سنة ٦٢٠ وقد نشأ بهاجم غفير من العلماء الأعلام. وكان لها شهرة عظيمة في القرن السابع وما بعده إلى العاشر ثم اضمحل حالها وضاعت أوقافها ومعظمها أراض عشرية وآل أمر المدرسة إلى التعطيل والإهمال ومرت عليها الأيام والليال فتوهنت وتهدمت حجراتها وأكثر جدرانها داخلا وخارجا وكادت تعود ركاما إلى أن سعى بعض أهل الخير بترميم بعض جدرانها فصرف عليها نحو عشرين ألف قرش أخذها من الحكومة. قال ابن العديم وكانت مبنية بالحجارة الهرقلية المحكمة ومحرابها من أعاجيب الدنيا في حسنه وإتقانه وأراد تيمور أن يأخذه فقيل له لا يتركب على حالته الأولى فأبقاه وهي كثيرة الخلاوي للفقهاء وبركتها ينزل إليها بدرج. اه. ولها أوقاف غزيرة من جملتها عين دقنا من بلد عزاز العجم «١» وأخرى في خربتا من سرمين ولها جهات في حلب. وهي الآن سماوي يحيط به من جهاته الثلاث حجرات للمجاورين داخل أروقة كلها متهدمة لم يبق منها غير رسومها وفي الجهة الجنوبية من هذا السماوي قبلية عامرة وفي جانبها الشرقي مدفن فيه قبران أحدهما للملك الظاهر بن السلطان صلاح الدين بن أيوب والآخر فيه بعض أخصائه ولها منارة صغيرة مشرفة على السقوط مشادة فوق بابها ومحرابها لم يزل باقيا على حسنه. لا يقام فيها صلاة مطلقا لأنها في محل خال من السكان: مكتوب على بابها بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين هذه المدرسة قد أمر بعمارتها وإنشائها في أيام السلطان الملك العزيز غياث الدنيا والدين محمد بن السلطان الملك المظفر غازي بن السلطان الملك الناصر صلاح الدنيا والدين منقذ بيت الله المقدس من أيدي الكافرين أسكنه الله مجال رضوانه وفسائح جنانه وخلد سلطان الملك العزيز بالهمة والعدل والإنصاف وأنشأها تكية وتربة ولي أمره وكافل دولته القائم بقوانين حفظه العبد الفقير إلى رحمة ربه الجليل شهاب الدين أبو سعيد طغريل بن عبد الله الملكي الظاهري عفى الله عنه وجعله مدرسة للفريقين ومقرا للمشتغلين بعلوم الشريعة من الطائفتين الشافعية والحنفية والمجتهدين