إليها الجيش العربي مشاة وفرسانا، وبعد قيامه بمناورة عظيمة وقف جلالة الملك فيصل والعلم بيده وقال يخاطب القائد:
«إن هذا العلم الذي في يدي لا يزال نقيا طاهرا لم يدخل المعارك ولم يلوّث بالدم، وإن غاية ما أتمناه أن يظل كذلك؛ إلا إذا أهين شرف الأمة وأراد أحد أن ينال من حرمتها، فعند ذلك أريد أن يبرهن هذا اللواء الذي أهدي إليه هذا العلم اليوم على أنه أهل لهذه الهدية، وأنه كيف «١» يفتدي العلم بدمه وكيف يدافع عن الوطن» .
ثم سلّم العلم إلى قائد الجيش. أما المكتوب على العلم فهو هذا، على أحد جانبيه:
«البسملة- وجاهدوا في سبيل الله- إن الله معنا- إنا فتحنا لك فتحا مبينا» . وعلى الجانب الآخر:«لا إله إلا الله محمد رسول الله- اللواء الأول سنة ١٣٣٨- المشاة» .
[زيادة الضرائب والدعوة إلى التجند وقيام الفتن في سورية الساحلية:]
بعد تتويج الأمير فيصل ملكا على سوريا واستقراره على عرش الملك، بدأت حكومته تزيد في الضرائب وتدعو إلى التجنّد. وكانت العصابات في المنطقة الشرقية السورية- التي تخفق عليها الراية الفرنسية- قد استفحل أمرها. وكانت الدولة المنتدبة المحتلة في سواحل سوريا قد أهمها أمر تلك العصابات وجهزت لقهرها جيشا جرارا، فلم يتسنّ لها قمعها إلا بعد جهود عظيمة وخسائر جمّة. وكثرت الفتن والوقائع في جهات بشارة وأنطاكية وتل كلخ وغيرها من الجهات السورية.
[توتر العلائق بين جلالة الملك فيصل وبين الحكومة الفرنسية المنتدبة:]
ولما حدثت هذه الأمور أخذ الارتياب من سمو الأمير فيصل يأخذ محلّه من نفوس الحكومة الفرنسية المنتدبة، وكان قد تسرب إليها الشك في إخلاصه لها من خطبة ألقاها في دمشق لمحّ فيها إلى وجوب رفض الانتداب الفرنسي والإصرار على الاستقلال التام، وذلك بعد أن كان ألقى في بيروت خطبة صرح فيها بما يوافق فرانسة ويرمي إلى غرض الرضا بانتدابها.