فمما اعتادوه في أول يوم من شهر محرم أن يتناولوا فيه طعاما حلوا ويخرج فيه جماعة من العجزة والفقراء ينضمون إلى بعضهم رباع وخماس وسداس ويدورن على أبواب البيوت وينشدون شيئا من المديح فيتصدق عليهم الناس بشيء من البرغل وهؤلاء الجماعة يقال لهم فاز من صلّى، سموا بلازمة الزجل الذي ينشدونه وهي (فاز من صلى على تاج العلى طه النبي المصطفى جد الحسين) . وبعض الناس يسمونهم الحسينية وفي يوم عاشوراء يوسع الناس على عيالهم المآكل ويطبخون الطعام المعروف بالحبوب.
وكان الناس يخرجون في هذا اليوم إلى المشهد حيث تكون فيه وليمة حافلة يحضرها الوالي ومن دونه فيتلى شيء من القرآن العظيم وصحيح البخاري وقصة المولد وتنشد مرثية ابن معتوق في سيدنا الحسين التي أولها (هلّ المحرّم فاستهلّ مكبّرا) ثم يأكل الجميع وينصرفون. والنفقة في ذلك من أوقاف المحل المذكور. وكانت النفقة على ذلك تصرف بواسطة الخزينة السلطانية الخاصة التي تجبي غلات القرى الموقوفة عليه وهي أبو الرويل وكفر هداد ودلامة ولما صارت هذه القرى مضبوطة للخزينة المالية كانت النفقة المذكورة تصرف من بيت المال.
وفي آخر أربعاء من صفر يشتغلون بالذكر والتسبيح وتعطل فيه الحكومة. وفي اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول تعطل الحكومة ويقبل الناس إلى الجامع الكبير لسماع قصة المولد النبوي فيسقون الشراب الطهور وينثر عليهم اللوز والملبس وتستمر هذه القصة تتلى في المساجد والجوامع نهارا وفي البيوت ليلا إلى آخر هذا الشهر. وكثيرا ما تتلى في الأماكن المذكورة في غير الشهر المذكور أيضا وتصنع لأجلها الولائم الحافلة. وأكثر قصص المولد استعمالا البرزنجي، ثم مختصرها للشيخ مصطفى الأصيل، ثم مولد نظم ينسب للشيخ وفا الرفاعي أوله (بعد حمد الله رب العالمين خالق الإنسان من ماء وطين) ، تم مولد السمان