وقد وصل الملك الظاهر مع معسكره إلى حلب. وفي هذه السنة ملك التتر البيرة فقصدهم السلطان وأوقع بهم فقتل وأسر منهم عدد كبير. وفيها أوقع السلطان بطائفة من التتر كانوا على شاطىء الفرات. وفي سنة ٦٧٣ قصد السلطان ابن هيثوم الأرمنيّ ملك سيس والمصيصة وفتك بالأرمن فتكا ذريعا وأحرق وسبى وهدم وكان فتحا عظيما، ثم عاد إلى الديار المصرية. وفي سنة ٦٧٤ نازل التتر البيرة- واسم مقدّمهم أقطاي- فتوجه إليهم الملك الظاهر من دمشق فرحلوا عنها، وبلغه خبر رحيلهم وهو بالقطيفة فأتم السير إلى حلب ثم عاد إلى مصر.
وفي سنة ٦٧٥ قدم أمراء الروم وفودا على الملك الظاهر وهم بيجار الرومي وولده بهادر وأحمد بن بهادر وغيرهم، فاجتمع بهم الملك الظاهر بحلب وأكرمهم وعاد إلى مصر.
وفي يوم الخميس العشرين من رمضان وصل الملك الظاهر لحلب وسار منها إلى النهر الأزرق ثم إلى أبلستين والتقى بجمع من التتر فانهزموا وقتل مقدمهم وغالب كبرائهم، وأسر منهم جماعة كثيرة من أمرائهم ومن جملتهم سيف الدين قلجق وسيف الدين أرسلان. ثم سار الملك الظاهر إلى قيسارية واستولى عليها وخطب له في منابرها ثم رحل عنها وحصل للعسكر شدة عظيمة من نفاذ «١» القوت والعلف حتى وصلوا إلى العمق، فأقاموا شهرا ورحلوا إلى دمشق. وفي سنة ٦٧٨ عزل عن نيابة دمشق أيدمر أقوش الشمسي وولي نيابة السلطنة بحلب. وفي سنة ٦٧٩ توفي أيدمر أقوش الشمسي نائب السلطنة بحلب، وولي مكانه علم الدين سنجر الباشغردي.
[عود التتر إلى حلب:]
وفي يوم الجمعة حادي عشر جمادى الآخرة من هذه السنة وصل من عساكر التتر طائفة عظيمة إلى حلب، وقتلوا من كان بها ظاهرا وسبوا وأحرقوا الجوامع المعتبرة ودار السلطان ودور الأمراء الكبار وأبدوا فسادا كبيرا. وكان أكثر من تخلف بحلب قد استتر في المغاير وغيرها. وأقاموا بحلب يومين على هذه الصورة. وفي يوم الثلاثاء ثالث وعشرين منه رحلوا عن حلب إلى بلادهم، وكان السلطان الملك المنصور سار إليهم من مصر ووصل إلى غزّة فلما سمع برجوعهم عاد إلى مصر. وفي سنة ٦٨١ ولّى السلطان مملوكه شمس