يحتاج إليه حقله من البذر، ووزّعت على محاويج الزراع شيئا من النقود ليشتروا به دوابا «١» ، لأن العسكرية أخذت دوابهم باسم المبايعة أيضا، ولم تبق لهم منها غير الضعيف الذي لا يصلح للعمل، على أن ما وزعته «٢» عليهم من الحبوب والنقود تستوفيه منهم في الموسم التالي.
[مكتب المعلمات:]
وفيها اشترت العسكرية دار البلدية الكائنة في الجميلية، التي كانت معدّة لسكنى الولاة، وجعلتها مكتبا للمعلمات سمته «مكتب سليمان الحلبي» تنويها بذكر هذا الرجل الذي كان خلاص مصر وعودها إلى الدولة العثمانية بواسطته على ما حكيناه في ترجمته.
وكان الساعي بإيجاد هذا المكتب جمال باشا، والمساعد له في الحصول عليه والي حلب مصطفى عبد الخالق بك. وقد قال لجمال باشا: إن هذه الدار عظيمة كثيرة الغرف والمقاصير التي تزيد على حاجة الولاة، فيبقي الزائد منها فارغا غير منتفع به، وإن كثيرا من الولاة القليلي الإنصاف يستأجرونها من البلدية بخمس أجرتها بحيث لا يفي ما يدفعونه منها بما تنفقه البلدية على فرشها ومرمتها. وكانت قيمة الدار التي دفعتها الجهة العسكرية للبلدية نحو سبعة آلاف ورقة نقدية عنها نحو ٣٥٠ ألف قرش؛ القرش جزء من الذهب العثماني المقدر ب ١٢٧ جزءا. ولما كانت هذه القيمة دون قيمتها الحقيقية فقد تنازلت الجهة العسكرية للبلدية- علاوة على تلك القيمة- عن عرصة المقبرة الصغيرة الكائنة في جنوبي بستان إبراهيم آغا. وكان جمال باشا أمر بإبطالها ونسف ما فيها من القبور فعادت قاعا صفصفا.
[تشدد العسكرية بالوثائق:]
فيها تشددت الجهة العسكرية في قضية الوثائق التي تخلّص حاملها من التجند، فأمرت كل من كان معه وثيقة بأن يصور شخصه صورتين، تلصق إحداهما على الوثيقة التي يحملها وتلصق الأخرى تحت اسمه في سجل الوثائق. وسبب هذا التشدد اطّلاع الجهة العسكرية