يعزّ علينا أن نرى ربعكم يبلى ... وكانت به آيات حسنكم تتلى
ثم سار إلى الأوردو- وكان بها هولاكو- فأقبل على الملك الناصر ووعده بردّ مملكته إلى ما كان عليه.
[دخول حلب في حوزة دولة الأتراك المماليك وحوادثهم فيها]
ثم إن الملك المظفر- مملوك المعز أيبك صاحب مصر- جهز جيشا كثيفا لإخراج التتر من الشام وقصدهم والتقى معهم في الغور عند عين جالوت التي هي بليدة بين بيسان ونابلس من فلسطين- وكانت وصلت إليهم الأخبار بانكسار جيوش هولاكو وهلاك معظمها بحرب ضروس دارت بينه وبين ابن عمه بركة خان، ففتّ ذلك في أعضادهم وهالههم الأمر فانهزموا من أمام جيش الملك المظفر أقبح هزيمة، وقتل منهم خلق كثير وهرب من سلم منهم لرؤوس الجبال، فتبعهم المسلمون وأفنوا أكثرهم وبعد أن دخل الملك المظفر دمشق ورتب أمورها جهز عسكرا إلى حلب لحفظها وفوّض نيابتها إلى الملك السعيد بن بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، وهو أول نائب بحلب من قبل دولة الأتراك والمفهوم من تاريخ أبي ذرّ أن أول نائب بحلب من قبل الدولة المذكورة هو الملك الناصر صاحب الشام أولا.
وعلى كل فإن الملك السعيد لما جاء حلب نائبا سار سيرة رديئة وكان دأبه التحيل على أخذ المال من الرعية، فأبغضه العسكر لسوء فعله. وكان بلغه أن التتر ساروا إلى البيرة فجرد إليهم جماعة قليلة من جهة العسكر وقدم عليهم سابق الدين- أمير مجلس الناصر- فأشار كبراء العزيزية والناصرية بأن هذا غير موافق للمصلحة وأن هؤلاء الجماعة قليلون فيحصل الطمع بسببهم في البلاد. فلم يلتفت إلى ذلك وأصر على مسيرهم، فسار سابق الدين المذكور بمن معه حتى قارب البيرة فوقع عليهم التتر فهرب سابق الدين منهم ودخل البيرة بعد أن قتل غالب من كان معه. فازداد غيظ الأمراء على الملك السعيد، فاجتمعوا وقبضوا عليه ونهبوا وطاقه، وكان قد برز إلى بابلّي. ولما استولوا على خزانته لم يجدوا فيها طائلا فهددوه بالعذاب إن لم يقرّ لهم بالمال. فأقر لهم ونبش من تحت أشجار