وفي سنة ٨٨٥ بطش الحوارنة ببعض أعوان أزدمر، فصار يتبعهم ليقتلهم. فحصروه مرة بدار العدل فخشي شيخهم ابن سيرك عاقبة أمرهم فأمرهم أن يطردوه بالسلاح والحجارة صورة، ففعلوا فهرب إلى دار العدل وقال لأزدمر: إن لم تنادهم بالأمان قتلوك وقتلوني ومتى اطمأنوا فتتبّع واقتل. فناداهم أزدمر بالأمان، ثم أمسك منهم بعد مدة طائفة وأمر بإحضارهم إليه في يوم الموكب حيث القضاة الأربعة حضور عنده، وذلك ليوهم أن قتلهم كان شرعا. فأحضروا إليه في اليوم المذكور وأمر الجلاد بقتل واحد منهم فضربت عنقه، وكان القضاة قد شعروا بخداعه فعارضوا بقتل البقية وحقنت دماؤهم.
والحوارنة المذكورون هم طائفة من عتاد الأبطال كانوا بالدولة الجركسية ذوي بطش وسفك لدماء أعوان الظلمة. وكانوا يقولون: نحن نقتل فلانا ونعطي ديته معلاقا «١» ، لأنهم كانوا قصّابين، أو من «٢» ذريتهم ومساكنهم أطراف باب المقام وحارة القصيلة.
قلت: وإليهم تنسب حارة الحوارنة في ذلك السمت «٣» . وفي هذه السنة ولي حلب ورديش أحد المقدّمين. وفي ذي الحجة منها ثار أهل حلب فقتلوا نائب قلعتها لمظالم أحدثها، وقتلوا معه حاجب الحجاب.
[محاربة علي دولات:]
وفي سنة ٨٨٨ عين السلطان تجريدة لحلب لمحاربة علي دولات أخي شاه سوار بن دلغادر. ثم في سنة ٨٨٩ عين السلطان تجريدة ثانية تقوية للعسكر، فإنه بلغه أن المرحوم سلطان بيازيد خان الثاني العثماني قد أمد علي دولات بالعساكر العثمانية. وهذا أول تحرك السلاطين العثمانيين على السلطنة الجركسية. وفي ربيع الأول وقع الحرب بين علي دولات والعساكر الجركسية فانكسر العسكر الجركس وقتل منهم مقتلة عظيمة. ثم في شعبان خرج إلى علي دولات ورديش نائب حلب وتحارب معه، فانكسر العسكر الجركسي وقتل