التي تجري إليها المياه، ومنها تفيض إلى الآبار والبرك فيتناولها بعض الناس قبل أن ترقد وتصفو فتكثر فيهم الحميات وأمراض المعدة وتكثر في الأطفال الديدان.
[هواء حلب]
الغالب على هواء حلب الاعتدال بين الحرارة والبرودة. ولجفاف جهات مهابّه، لقلة المياه الراكدة والجارية فيها؛ كان الغالب عليه اليبس غير مصحوب برطوبة. وقد تصحبه في بعض الآونات «١» من الفصول الثلاثة التي هي، الشتاء والربيع والخريف. وهو في حالة اعتداله ويبسه على غاية ما يكون من الموافقة للصحة العامة. ومعظم هيجان الرياح عندنا في شهر تموز، والغالب أن يكون غربيا، والعامة تقول: تموز الهاوي. وبعد مضي هذا الشهر تضعف العواصف ويقل خطرها حتى أواسط شباط، فتهيج ريح شديدة نحو يوم أو يومين. والعامة تسميها نفّاخ الشجر أي إنها تنفخ الشجر وتهيّئه لانبثاق «٢» النور والورق. ثم تأخذ هذه الريح بالضعف إلى نحو اليوم الخامس والعشرين من شباط فيعظم هيجانها ويشتد هبوبها وتدوم هكذا إلى نحو اليوم الخامس من آذار، والعامة تسميها في هذه المدة ريح الأعجاز. وفي بعض السنين تكون هذه الريح مضرة ضررا فاحشا بالأشجار، فتنثر زهرها وتسقط ما انعقد من ثمرها. ثم في الحادي عشر من نيسان أو قبله أو بعده بقليل، تهبّ ريح شديدة شمالية تنقطع تارة وتعود أخرى إلى الحادي والعشرين منه. وهذه الأيام تسمى العوّاء ويقال: لا نوء بعد العوّاء. وهذه العواصف يخشى منها على الشجر، إذ قد لا يبقى فيها ثمرة واحدة، ولذا اعتاد كثير من مستأجري البساتين ألا يعقدوا مساقاة أو آجارا مع صاحب البستان إلا بعد مضي هذه الأيام الهاوية. ومعظم الهواء عندنا هو الغربي وبه لقاح الزرع وامتلاء الضرع وسوق الغمام وصحة الأجسام. ويكون في جميع الفصول والمواسم. وقد تهب ريح الشمال، فإن كان الأوان صيفا فليست بضارة، وإن كان شتاء اشتد بهبوبها البرد وخيف على الزرع والشجر، وربما هبت في أوائل الربيع مصحوبة بشيء من الصقيع. فتهلك الحرث «٣» والنسل، وتتلف الزروع الأرضية