وفيها هدمت الحكومة الأماكن والمنازل التي على جانبي الجادة الآخذة من حمام الواساني في السويقة إلى منتهاها، تجاه الجادّة الآخذة إلى العقبة. وكان غرض الحكومة من ذلك توسيع هذه الجادة التي كانت ضيقة جدا مع أنها تعتبر من الجادات العمومية.
[قدوم أنور باشا إلى حلب:]
وفيها قدم إلى حلب أنور باشا، وجرى استقباله على صفة باهرة، وحضر لاستقباله من دمشق جمال باشا القائد العام، وأدبت لهما بلدية حلب مأدبة فاخرة أعدتها لهما في المكتب السلطاني «١» . وكان مع جمال باشا مفتي جيوشه وخطيبه المصقع الشيخ أسعد شقير، فتليت الخطب وأنشدت القصائد وقدمت البلدية إلى كل من أنور وجمال عباءة حريرة موشاة بالقصب الفضي، يستعمل نوع هذه العباءة نساء أكابر استانبول كالإزار ليلا. وكان تقديمهما عن يدي وقد سرّا منهما. وقدم أنور باشا للبلدية خمسين ذهبا عثمانيا وزعتها البلدية على فقراء حلب.
[وفود من بلاد العرب إلى استانبول:]
وفي ذي القعدة من هذه السنة، وهي سنة ١٣٣٣ أوفدت الحكومة إلى استانبول- من حلب وباقي البلاد الشامية العربية- وفودا ليستطلعوا على حصانة مضايق الدردنيل المأخوذ تحت حصار أساطيل إنكلترا، وليتحققوا ما تجريه الدولة العثمانية في دفع هذا الحصار من الحزم والعزم، وما تعده من المهمات والقوات الحربية، وليظهر عظماء الدولة وكبار موظفيها إكرام أبناء العرب وحسن التفاتهم إليهم، نفيا لما كان شاع بواسطة سوء تدبير جمال باشا وغيره من جهلة الأتراك من أن الأتراك ينظرون إلى أبناء العرب بعين البغض والازدراء، الأمر الذي نفّر عن الدولة قلب كل عربي. وقد دعيت لأن أكون من جملة هذا الوفد فاستقلت خوفا من مشقة الطريق. وكانت النفقة على هذه الوفود من أموال الدولة، وكل واحد من هذه الوفود أعطي خمسين ذهبا عثمانيا.