قال الأستاذ الفاضل محمد كردعلي في كتابه خطط الشام ما خلاصته: كان الجنرال غورو المفوض السامي للجمهورية الفرنسية ولبنان يعزز جيشه في الساحل. ثم في ١١ تموز سنة (١٩٢٠) أرسل إلى الملك فيصل كتابا قال فيه: «بينما كانت السكينة سائدة في سوريا أثناء الاحتلال الإنكليزي ابتدأ الفساد يوم حلت جيوشنا محل الجيوش البريطانية، ولا يزال آخذا بازدياد منذ ذلك الوقت» . وأرسل إليه أيضا يوم ١٤ تموز بلاغا يكلفه فيه أن يعطى فرنسا الخط الحديدي من رياق إلى حلب، وأن تلغي حكومة فيصل القرعة العسكرية، وأن يقبل الانتداب الفرنسي والنقود السورية، ويضرب على أيدي الأشقياء.
فطلب الملك مهلة أربع وعشرين ساعة. فانتهت ثم مددت أربعا وعشرين ساعة أخرى، ثم مددت ثانية ولم يجب لانقطاع الأسلاك البرقية. وحينئذ سار الجنرال غورو بجيوشه إلى جهة دمشق واشتعلت نار الحرب في جبال ميسلون بين جيوشه وبين الجيش العربي، يعضده بعض عامة دمشق وبضع مئات من البدو، فكانت الغلبة للجيوش الفرنسية. ثم أعلم الجنرال غورو الملك فيصلا أنه مستعد أن يتوقف عن الزحف إذا قبل بموادّ الإنذار السابق وبشروط بيّنها له- مذكورة في خطط الشام- فتأخر جواب الملك فيصل عن هذا الإنذار، فاستمرت الجيوش الفرنسية على الزحف إلى أن دخلت دمشق في اليوم ال ٢٥ تموز سنة (١٩٢٠) بعد أن قتل من الجيش العربي مقتلة عظيمة. وأسر منه العدد الكبير على الوجه الذي حكاه الأستاذ محمد كردعلي في خططه مفصلا.
[ذكر ما حدث في حلب أثناء هذه الحرب:]
وفي أثناء هذه الحرب ورد الأمر من قيادة دمشق إلى القيادة العسكرية العربية بالاستعداد إلى مقاومة الجيوش الفرنسية. فاستعدت القيادة للمقاومة على زعمها بإعداد جيش من الجند الوطني لا يزيد عدده على بضع مئات، ونشرت الدعوة للمقاومة بين العامة واستدعت بعض قبائل الأعراب من ضواحي حلب، وخرجت العامة إلى الثكنة العسكرية وطلبوا من القيادة السلاح فلم تعطهم. وطلب الجند منها عددا من المدافع فأجابتهم بأن ما هو موجود منها في الثكنة مختلّ لا يصلح للاستعمال.