وفي هذا الشهر قدم إلى حلب الشريف ناصر القائد العام للجيوش الشمالية وبعد يوم من قدومه سافر ومعه الشريف مطر إلى الباب لتهدئة الأمور وإزاحة القلق والاضطراب اللذين حدثا هناك إثر انحلال حكومة الأتراك. فأتم مهمته وعاد ثاني يوم إلى حلب.
[الأتراك المرخص لهم بالبقاء في حلب:]
وفيه رخص الحاكم العسكري بحلب بقاء الأتراك المولودين في حلب والمتزوجين بنساء عربيات ومن كان تاجرا أو صاحب ملك في حلب، وأن من لا علاقة له في حلب يجب عليه أن يسافر منها والحكومة تساعده على سفره.
[قدوم الجنرال اللنبي إلى حلب:]
غروب يوم الثلاثاء ٧ ربيع الأول من هذه السنة (١٣٣٧) وصل إلى حلب الجنرال إدمون اللنبي، القائد العام للجيوش الإنكليزية العربية الفرنسية في فلسطين وسوريا، فاستقبله في محطة الشام الشريف ناصر وكيل القائد العام للجيوش الشمالية، وشكري باشا الأيوبي الحاكم العسكري وغيرهما من أمراء العسكرية. وفي ضحوة يوم الأربعاء أقبل الجنرال اللنبي إلى دار الحكومة سائرا بين صفوف العساكر الإنكليزية- الهنود وغيرهم- المصطفة على جانبي الطريق الممنوع سلوكه عن الناس، المفروش بالرمل من أوله إلى آخره، أي من منزل الجنرال في محلة العزيزية إلى دار الحكومة. وقد نصب له في محلة العزيزية (قوس النصر) ، فلما وصل إليه وقف تحته وتقدم نحوه رئيس بلدية حلب وقدم له مفاتيح مدينة حلب وقرصا من الخبز ومقدارا من الملح. فتناول من القرص لقمة وذاق الملح ثم لمس المفاتيح ورفع يده بالسلام.
وسار نحو دار الحكومة وقد وقف له بساحتها الجنود العربية وضباطها وتلامذة المكاتب والمدارس ورجال الشرطة والدرك وجوق الموسيقى العربية. ولما وصل إلى دار الحكومة، واستقر في مجلسه المعدّ له، أقبل عليه علماء البلدة والرؤساء الروحيون والأعيان والوجهاء والموظفون، فأدّوه حق السلام وهو يشكرهم ويظهر الاغتباط بمعرفته إياهم، ويتمنى لهم الرفاهية والسعادة ثم نهض من مجلسه ووقف على رأس درج السراي وفاه بخطاب باللغة