وفي سنة ١٢٣١ صدرت أوامر الدولة بتأديب حيدر آغا مرسل، وطوبال علي، وسعيد آغا، وعمر آغا ابن عمو وغيرهم من الخوارج في بلاد البستان. ولما ساق نحوهم العسكر جلال الدين باشا والي حلب خام عن لقائه حيدر آغا وهرب إلى الرقة ووقع دخيلا عند عربانها. وأما طوبال علي آغا وسعيد آغا فإنهما فرّا إلى جهة الزور وقطعا طريق حلب، فاضطر جلال الدين باشا أن يخرج العسكر إلى أطراف البرية، غير أن طوبال وسعيد «١» تغيرت أفكارهما وتوجها مع الحجاج إلى المدينة المنورة واستغاثا بشيخ الحرم قاسم آغا، فرقّ لهما ووعدهما بالشفاعة عند الدولة، ثم استرحم من السلطنة العفو عنهما فأجيب إلى ما طلب بشرط أن يقيما في مصر، وفي خلال هذه السنة ولي حلب السيد أحمد باشا والي الأناطول وولي مكانه جلال الدين باشا.
وفي سنة ١٢٣٢ كثر فساد الأعراب في جوار حلب وجهات ريحا وأنطاكية، وكان الأمير مهنّا البدوي هو الزعيم الأكبر على الأعراب، وقد فرض على كل داخل إلى أرضه مبلغا من النقود، وضرب على القرى المجاورة مضاربه جريمة سماها «الأخوّة» فكانت سببا لخراب عدة قرى وجلاء أهلها عنها. وتفاقم أمر هؤلاء الأعراب وتعطلت السبل وفقد الأمن. وذكر في الجزء الخامس من المجلد العاشر من محلة الجامعة الأميركية أن علي آغا رستم قتل ابن عمه واستولى على جسر الشغر واللاذقية، وصادر أغنياءهما حتى قنصلي بريطانيا وفرنسا. وكان اليكجرية في حلب مع هذه الحالة في قيام ومخالفة على الوالي.
وفي صفرها صدر أمر الدولة لوالي حلب السيد أحمد باشا أن يقصد الأعراب في الصحراء ويوقع بهم، وأنفذ إليهم كتخداه عثمان آغا ورفقه بمقدار وافر من العساكر، وكان العربان على ثمان عشرة ساعة عن حلب، فوصل إليهم وكسرهم وظفر منهم بأربعة وثلاثين شخصا قطع رؤوسهم وجهزها إلى استانبول. فسرت الدولة من ذلك وأرسلت لوالي حلب تشكّرا واستقلالا بولايته. وفيها أيضا ثارت عشيرة براق وهجموا على أطراف كلّز، فساق إليهم والي حلب وقاتلهم وظفر منهم ببضعة أشخاص قطع رؤوسهم وأرسلها لاستانبول. وفيها قدم نفر من يكجرية إدلب وقطعوا الطريق من جهة خان طومان، فظفر