سلفه الصدر السابق محمد باشا واليا لحلب. وكان ذلك في اليوم الثالث عشر من رجب الفرد من السنة المذكورة. وفي هذه السنة تمت عمارة جامع الرضائية المعروف بالعثمانية وصار لذلك يوم مشهود. وفي شعبان سنة ١١٤٥ ولي محمد باشا ولاية ديار بكر. ولم أحقق من جاء بعده. وفيها وقع في حلب طاعون عظيم أقفل دورا كثيرة. وفي سنة ١١٤٦ نزلت صاعقة في بستان القبار وقتلت ثلاثة أشخاص.
[غلاء شديد وقتل شيخ المداراتية:]
وفي سنة ١١٤٧ كان الغلاء بحلب شديدا وهاج الناس وقاموا لنهب ما يرونه من الخبز في الأفران، وصادفوا خليلا المرادي شيخ المداراتية يقبض ثمن الطحين من الخبازين ومعه صرة دراهم، فطمعوا به ولحقوه لأخذها فأحس بمرادهم وحرّك دابته للهرب منهم، فلحقوه وأدركوه عند جامع قسطل الحرامي. ولما ضايقوه أراد الدخول للجامع ليحتمي به منهم، فمنعه قوّامه خوفا من أن يقتل فيسألوا عن دمه. فهرب إلى البرية فتبعوه وقتلوه رجما بالحجارة ولم يعلم قاتله. ثم في هذه السنة قدم إلى حلب واليا عليها أحمد باشا بولاد فاشتكى إليه أولاد خليل المقتول فأخذ بالفحص عن قاتليه ولم يظفر بهم، وآل أمره إلى أن أخذ جريمة وافرة من المحلة المذكورة. وفي سنة ١١٥٠ ولي حلب عثمان باشا المعروف بوقته بمحصّل حلب صاحب المدرسة الرضائية بحلب.
[وصول سفير العجم إلى حلب:]
وفي أوائل سنة ١١٣٥ ولي حلب يعقوب باشا وولي عثمان باشا أذنة. وفي شوال هذه السنة وصل إلى حلب سفير طهماس قولي المدعو بنادر شاه من مملكة إيران مجتازا منها إلى استانبول، واحتفلت له الدولة العثمانية إظهارا لأبهة السلطنة، ومعه تسعة أفيال على ظهورهم التخوت، فدخلوا من باب النيرب وشربوا من قسطل علي بك، وهم أمام السفير المذكور، كل هنيّة يقفون لسلامه، ويأمرهم الفيال فيطأطئون خراطيمهم حين السلام.
وكان يوم قدم سفير آخر من طهماس المذكور واجتاز بحلب عاشر شوال سنة ١١٤٥ لجمع الأسارى إلا أنه لم يكن بهذه الأبهة، وخرجت إليه نساء الأعاجم اللاتي أسرتهن الدولة العثمانية قبلا واستولدن في حلب وغيرها من الممالك المحروسة، فمنهن من أبى اتباعه ومنهن من تبعه لارتكاب القبائح علنا.