[تصريح بالفوائد التي تقصدها ألمانيا من محالفتها مع تركيا:]
لألمانيا في عقد تحالفها مع تركيا مقصدان:
[المقصد الأول:]
هو حفظ مضايق استانبول من استيلاء روسيا عليها كيلا تفقد ألمانيا وأوستريا- حليفتها الأخرى- استغلال الفوائد الاقتصادية اللائي تجنيانها من قبل العالم الإسلامي القاطن وراء البحر الأسود والأبيض، ولتكون تركيا سدا منيعا لوصول المدد إلى روسيا من حلفائها إبان الحرب، إذ لا سبيل إلى إمداد حلفائها إياها من جهة البحر الأبيض إلا من طريق استانبول.
إن روسيا لو وصل إليها المدد من حلفائها من هذا البحر لما كانت ألمانيا حين نشوب الحرب العالمية تقوى على إخضاعها في تلك المدة القصيرة. وكيف يتصور العقل جواز قهر أمة- في تلك المدة الوجيزة- يبلغ عدد شعوبها زهاء مائتي مليون، وجنديها من أشهر جنود الدول البرية لو كان المدد واصلا إليها من حلفائها كما يجب. لا جرم أن المضايق لو كانت مفتوحة لإمدادها بالمعدات والمهمات الحربية لصعب على ألمانيا أن تضربها تلك الضربة القاصمة لظهرها التي لم تكن متوقعة من قبل. ناهيك دليلا على ما وقر في صدور الألمان من عظمة روسيا وضخامة ممالكها وكثرة شعوبها أن الإمبراطور غليوم سئل عن عدد الدول التي يحاربها في هذه المعركة فقال:«عدد الدول التي أحاربها الآن ثلاث، منها دولتان هما روسيا وحدها، والدولة الثالثة هي بقية الدول» . فاعتبر دولة روسيا وحدها دولتين واعتبر بقية الدول العديدة دولة واحدة.
[المقصد الثاني:]
هو: من المعلوم أن موقع المملكة الألمانية والنموسية من قارة أوربا متوسط، وهما معدودتان من الدول المركزية في هذه القارة، وأن المنطقة المحدقة بهما مفتوحة الغلق «١» من جهة تركيا فقط. ثم لا يخفى أن العالم الإسلامي يبلغ عدده نحو ثلاثمائة مليون من