في عصر هذا اليوم وصلت إلى حلب عساكر الجنود الإنكليزية فرسانا ومشاة وهجّانة، ومعهم السيارات والعجلات المشحونة بالمهمات الحربية، وهم إنكليزيون ومصريون وهنود. والمصريون مسلمون، والهنود مسلمون وبراهمة وصك، وكان عددهم جميعا لا يزيد على ألف جندي. ويقال إن عددا عظيما من الجنود الإنكليزية لم يدخلوا حلب وإنما توجهوا إلى جهة راجو ونواحي كلّز وعينتاب وغيرهما ليتعقبوا العساكر التركية التي أمّت تلك الجهات.
واقعة قرب قرية بلّليرمون:
وكانت الجنود التركية- الذين انسحبوا من جهات الراموسة وقرية الشيخ سعيد- قد توجهوا إلى جهة قرية بلّليرمون القريبة إلى حلب، في شماليها الغربي، وكمنوا في موضع من تلك الناحية. فلما وصلت إليها الجنود الإنكليزية خرجوا من مكامنهم وأطلقوا عليهم نيرانهم فقتلوا منهم- على رواية- نحو ثمانمائة جندي، بينهم ضابط إنكليزي كبير أقيم له هناك نصب تذكاري.
[فرقعة ألغام وقذائف:]
وفي يوم الاثنين والثلاثاء ٢٣ و ٢٤ محرّم الجاري كنا نسمع من حين إلى آخر دوي انفجارات مزعجة تنفجر في جهة محطتي سكة حديد بغداد والشام في ظاهر حلب، وهي ألغام دفنها الألمان تحت جسور المحطّتين ولم يتمكنوا من إشعالها، فكان الإنكليز يظهرونها بواسطة كلاب معهم فيخرجون منها ما يمكنهم إخراجه ويشعلون ما يعجزون عن إخراجه.
وشاع بين الناس أن الألمان دفنوا في قلعة حلب عدة ألغام وأنها عما قريب تنفجر، فارتاع الناس من ذلك ونزح كثير من سكان المحلات المجاورة للقلعة إلى غيرها اتقاء خطر هذه الألغام. ثم تبين أن هذه الإشاعة إرجاف لا أصل له.
[وصول الشريف ناصر إلى حلب وانعقاد مجلس شورى:]
الأمير ناصر من الأشراف الحسينية القاطنين في «العوالي» المجاورة للمدينة المنورة.