وفيها بدأت دولة اليونان تتحرش بجزيرة كريد وتثير فيها الفتن والقلاقل بواسطة عصابات يونانية تمدهم بالأموال والسلاح، فيقطعون السبل ويشنون الغارات على القرى وينهبون ويقتلون. وكان الحامل لدولة اليونان على هذا العمل اغتنامها فرصة اشتغال الدولة بحوادث الأرمن وعجز ماليتها عن الحرب. وفيها رأت الدولة العثمانية وجوب حرب اليونان وردعها لتماديها في غيّها. إلا أن مالية الدولة في عجز عظيم عن الإنفاق على هذه الحرب، فاضطرها الحال إلى أن تفرض على المملكة إعانة سمّتها إعانة التأسيسات العسكرية، قدرها ٥٨٥٢٢٥٠ قرشا. فلحق مدينة حلب منها ٩٤٧٧٥٠ قرشا وقضاء أنطاكية ٦٦٤٥٠٠ قرشا، وقضاء عينتاب ٧٦٢٧٥٠ قرشا، وقضاء كلّز ٧٥٩٧٥٠ وقضاء إدلب ٥٣١٢٥٠ وقضاء الباب ٢٣٠٧٥٠ وقضاء الجسر ٢٧٩٧٥٠ وقضاء حارم ٢٨٩٥٠٠ وقضاء بيلان ٨٢٠٠٠ وقضاء إسكندرون ١٤٤٠٠٠ وقضاء المعرة ١٧٣٧٥٠ وقضاء منبج ١٨٥٠٠ وقضاء الرقة ٦٩٧٥٠ وقضاء جبل سمعان ٢٥١٢٥٠ وشعب الأملاك السنية ٦٥٧٠٠٠ قرش.
وفيها عين السلطان عقيب حوادث الأرمن ومشاغبها مشيرا جوالا في الولايات الشاهانية ليفحص عن وجوه الإصلاح التي تحتاجها كل ولاية، وكان تعيين هذا المشير صوريا، الغرض منه التمويه على الدول الأجنبية التي تطلب حماية الأرمن وتطهير البلاد من الظالمين والمستبدين. والمشير المشار إليه: اسمه شاكر باشا، فطاف عدة ولايات وكتب ما رآه من وجوه الإصلاح اللازم إجراؤها في تلك الولايات. ثم في العشر الثاني من رمضان هذه السنة وصل إلى حلب قادما إليها من الرقة فخفّ لاستقباله إلى ناحية بابلّي في شمالي حلب قائد العسكرية أدهم باشا وعدد عظيم من الجنود الشاهانية وأعيان البلد، ونزل ضيفا كريما في منزل بني العادلي في محلة السفاحية، وكان معه حسيب أفندي مستشار السفارة العثمانية في طهران ومادر كورداتو أفندي معاون المشير، وغيرهم من الحاشية والمعاونين، فنزل كل واحد منهم في منزل واحد من أعيان حلب، وكانت زوجة المشير معه وهي مسيحية روسية تخرج للناس غير محتجبة. وبعد أن استراح بضعة أيام أعلن أنه يقبل كل لائحة تبحث في إصلاح حلب وجميع ولايتها. فأقبل عليه الكتّاب وأولو العقول الثاقبة باللوائح المتنوعة الطافحة بالفوائد الآيلة لإصلاح أحوال الولاية وتحسين أمورها، من تأسيس