مكاتب علمية وصناعية وتجارية وزراعية، وافتتاح طرق ومعابر، وإحضار معامل وأوائل وتخفيض رسوم وتكاليف واحداث غيرها، وتأليف ضابطة من الملل الثلاث وغير ذلك.
فكان يتلقى تلك اللوائح بكل ارتياح ويظهر بها إعجابه. ويعد بتنفيذها مع أنه لم يظهر لها بعد ذلك أدنى أثر ولا خبر.
وفيها حوّل أدهم باشا قائد حلب إلى القائدية العامة في حدود اليونان لحرب المتعدّين على كريد، فبارح حلب على الفور متوجها إلى جهة الحدود المذكورة، وكان أدهم باشا صار بعد حادثة الزيتون قائدا عاما فوق العادة على حلب وأطنة وما جاورهما قصد استطلاع أخبار الأرمن ومراقبة أحوالهم. فلما تحول إلى حدود اليونان، خلفه في القائدية العامة المذكورة علي محسن باشا. وفي شوال هذه السنة المصادف شباط سنة ١٣١٢ تظاهرت دولة اليونان بالعداء على الدولة العثمانية، فجهزت دارعة (لورييورم) وشحنتها بالعساكر وأمرتهم أن يخرجوا إلى (كوكيمباري) فعارضتهم دارعة إنكليزية وساقت دارعتهم (لورييورم) مخفورة إلى خانية، وكانت الدولة العثمانية قد جهزت مائة واثنين وتسعين طابورا وعزمت أن تجعل هذه القوة مائتين وعشرين طابورا، وصدرت الأوامر للحامية العثمانية المرابطة في حدود ألاصونيا وتساليا بأن تكون على قدم الدفاع.
وفيها صدر الأمر بجمع إعانة اسمها إعانة المعابد الإسلامية، وبجمع إعانة أخرى اسمها إعانة مهاجري كريد المسلمين. وهكذا كان لا يمر في تلك الأعصار العجيبة شهر أو شهران إلا وتصدر الأوامر بجمع الإعانات على اختلاف أسمائها ومقاصدها، فكأن أموال الدولة على كثرتها كانت في تلك الأوقات ترمى في عرض البحار، كما أن تلك الإعانات- التي أضجرت الناس وأزعجتهم- كانت تدفن في الأرض. وفي شهر ذي القعدة الموافق نيسان سنة ١٣١٣ بدأت تتوارد الرسائل البرقية من الصدارة والنظارة الداخلية إلى ولاية حلب، نقلا عن القائد العام في جزيرة كريد، مبشرة بظفر العساكر العثمانية واستيلائهم على البلاد اليونانية وحصونها، بلدة بعد بلدة وحصن بعد حصن. وكان حضر إلى حلب عدد وافر من مسلمي جزيرة كريد مهاجرين منها فرارا من تعدي اليونان عليهم وإيقاعهم بهم، فقر رأي المرحوم والي حلب رائف باشا ومجلس إدارة الولاية على أن تلك الرسائل البرقية التي ترد تباعا تعرّب وتطبع وتباع وتصرف قيمتها المتحصلة في مصالح المهاجرين المذكورين، فكلفني الوالي المشار إليه بتعريبها حسبة، فصرت أعربها ثم تطبع في مطبعة