وفي المجلد العاشر من مجلة الجامعة الإمريكية التي تصدر في بيروت ما ملخصه أن الدكتور (كلاي) أستاذ اللغة الآشورية في جامعة بابل الإمريكية قال في أثناء خطاب ألقاه في الجامعة المذكورة- إن شمالي سوريا وما يجاورها من بلاد ما بين النهرين هو من أقدم مدنية في الشرق الأدنى وإن هذه المدنية هي أقدم من حضارة مصر ومن تمدن بابل أيضا.
وإن الدكتور (كلاي) يعتقد أيضا أن أقدم التفاصيل عن عبادة عشتروت وأقدم الروايات الخرافية عن آلهة بابل وآشور تشير إلى موطن أصلي في شمالي سورية- في حلب وضواحيها، قالت المجلة المذكورة بعد أن كتبت ما كتبناه عنها: ولا يخفى ما في هذا القول من المناقضة لأقوال المتخصصين في تاريخ مصر القديم فإن أجمع على صحة هذا الرأي مؤرخو هذا العصر وجب على علماء التاريخ القديم أن يعيدوا كتابة تواريخهم مبتدئين في تاريخ سورية من سنة ٥٠٠٠ لا من سنة ٣٠٠٠ قبل المسيح كما جروا عليه لحد الآن اه.
الوثن رمّن
في كتاب بابيلونيا وشيريا لمؤلفه فينكلار الألماني أشهر علماء التاريخ المطبوع باللغة الألمانية سنة ١٨٩٢ م/ ١٣١٠ هـ ما خلاصته أن سلمناصر خرج من نينوى سنة ٨٥٤ ق. م وبعد أن استولى في مسيره هذا على عدة بلاد وممالك (ذكرناها في الكلام على من تملك حلب قبل الإسلام في الجزء الثالث) : قصد خلمن (حلب) ودخلها وقرب فيها الذبائح إلى الوثن (رمّن) وهو على رأي فينكلار معبود الحلبيين إذ ذاك. وقد استدل بعض علماء التاريخ من الآثار على أن الوثن رمّن كان إله العواصف في سورية اه.
[الوثن حداد أو هداد]
وذكر بعض الأثريين أن سلمناصر الثاني دخل إلى حلب سنة ٨٥٤ ق. م وضحّى فيها للوثن حداد وعلى هذا يكون قد وجد في حلب وثنان في وقت واحد.
[عبادة الحلبيين الحمام وأسماك قويق]
ذكرنا في الكلام على نهر قويق أن كزانفون اليونان تلميذ سقراط الحكيم قال في رحلته إلى قورش إن نهر حلب صغير فيه أنواع من السمك، والسوريون يحسبونه آلهة لا يسمحون لأحد أن يصيده وكذلك الحمام كانوا يعبدونه ولا يرضون على من يؤذيه.