العلم، روح البلاد ونفع العباد، ويمتع الأمة بالحياة الرغيدة. والسلام» . اه.
أقول: إن هذا الخطاب قد جمع فأوعى، وحقيق لمن يورده ارتجالا وبديهة أن يكون في عداد الطراز الأول من الذين أوتوا أكبر نصيب من علو المدارك وصفاء القرائح. على أن العبرة للمعاني لا للألفاظ؛ إذ هي بمنزلة الروح، والألفاظ كالأجسام والجسم بروحه لا بشكله، وإلا استوى الحيوان والجماد.
[سفر الأمير فيصل:]
ليلة الخميس عاشر صفر سنة ١٣٣٧ ورد على حضرة الشريف الأمير فيصل برقية فحواها أن يشخص على الفور والعجلة إلى مكة المكرمة لمقابلة حضرة الملك والده العالي، ثم يسافر من مكة إلى باريس ليمثّل والده في مذكرات الصلح العام الذي ينعقد هناك قبل انقضاء مدة الهدنة. وفي صباح يوم الخميس هرع لوداعه العلماء والرؤساء الروحيون والوجهاء والأعيان من كل ملة، وبارح حلب قاصدا جهة الحجاز المباركة.
وفي هذا اليوم وصل إلى حلب وفود من علية أهل الشام وحمص وحماة لزيارة حضرة الأمير الشريف فيصل وعرض إخلاصهم عليه وتأكيد روابط المحبة والإخاء بين أهل بلادهم وأهل مدينة حلب. وبعد قدوم هذه الوفود بأيام قليلة أدبت لهم بلدية حلب في فندق البارون مأدبة حضرها الجمّ الغفير من الوجهاء والأعيان والشعراء والخطباء فتليت الخطب وأنشدت الأشعار وكانت مأدبة حافلة.