الأكراد، وكانت الدولة في ارتباك عظيم، داخلا من اليكجرية وخارجا من جهة روسية.
فأراد أن يستعفي من الصدارة لخطر موقعها إلا أنه خاف غضب السلطان فقبلها وسافر إلى استانبول. وفي الخامس من جمادى الأولى عيّن لولاية حلب- التي لم تزل بعهدته- سروري باشا مع رتبة الوزارة. وفي سنة ١٢٢٦ ولي حلب راغب باشا. وفي سنة ١٢٢٧ أنهى راغب باشا إلى الدولة بوجوب قتل أبي براق محمد باشا، وكان منفيا بحلب.
فصدر الأمر السلطاني بقتله فقتل. وسبب ذلك أنه أثار بعض الناس لإيقاع فتنة أملا أن يحصل على غرض يريده فلم ينجح.
[ولاية محمد جلال الدين باشا ابن جوبان حلب، وما كان في أيام ولايته من الحوادث:]
في سنة ١٢٢٨ ولي حلب محمد جلال الدين باشا المعروف بابن جوبان. فوصل إلى حلب في اليوم السادس من رجب الفرد من هذه السنة، وكان اليكجرية في هيجان عظيم وقد طغوا وبغوا واستكبروا وعتوا على أن حالتهم هذه في حلب وغيرها من البلاد العثمانية منذ مئات من السنين كما ستقف عليه في الإجمال الذي نثبته في اليكجرية سنة ١٢٤١ وكانوا لعظمة سطوتهم وقوة عارضتهم يخيفون الولاة فكان معظم ولاة حلب ينزلون خارج البلدة، إما في تكية الشيخ أبي بكر أو في غيرها، خوفا من مهاجمات اليكجرية. ولهذا نزل محمد جلال الدين باشا حين قدومه إلى حلب في التكية المذكورة أسوة بالولاة السابقين.
كان اليكجرية يسمعون بهذا الوالي ويعرفون ما عنده من الشدة والصرامة على اليكجرية. فلما بلغهم خبر تعيينه واليا على حلب أخفوا ما كان عندهم من الحلي والأمتعة الثمينة عند التجار الأجانب وقناصل اليهود، فإن هذا الوالي كبقية الولاة أمثاله اعتادوا في معاقبة اليكجرية مصادرة الأغنياء منهم بالتعذيب ثم بالقتل. ولما وصل جلال الدين إلى حلب طاف في شوارعها ومعه الجلّاد وقطع رؤوس خمسة من اليكجرية إرهابا للنفوس.
ثم أظهر الاطمئنان وأقبل على الصيد والنزهة، وكان في صحبته رجل ذو حيلة ودهاء هو عنده كتخداه «١» فحسّن له قمع هؤلاء اليكجرية بإعمال الحيلة والخدعة بمباشرة الحرب