ثم الحاخام. وبعد الفراغ من هذه الأدعية تعزف الموسيقى العسكرية بألحانها عدة فصول ثم يصبح العساكر بلسان وصوت واحد قائلين باديشاهم جوق يشا «١» . ثم ينفض الجمع ويباشر الوالي وظيفته.
ثم إنه لا بد وأن يجري في كل سنة موكبان أحدهما يكون احتفالا بميلاد الحضرة السلطانية وثانيهما احتفالا بالجلوس وفي كل منهما تزين ليلا أبواب الدوائر الرسمية ومنازل الموظفين وجادة باب الفرج وتنور بالقناديل وتحرق الألعاب النارية وتعزف الموسيقى العسكرية وآلات الطرب إما في ميدان الجادة المذكورة وإما في جنينة البلدية التي هي محل سكنى الوالي. ويخرج ألوف من الناس للتفرج وتكون ليلة حظ وطرف ثم بعد الانقلاب الدستوري بطل في هذين الاحتفالين إحراق الألعاب النارية وقل تنوير الأبواب.
هذا وإننا لم نرسم هنا جدولا في أسماء عمال حلب وكفّالها وولاتها، نظير جدول قضاتها، استغناء عنه بذكر أسمائهم في سني تعيينهم كما ستراه في باب الحوادث إن شاء الله تعالى.
ذكر ما كان في باطن حلب وظاهرها من الحمّامات
نذكر هنا ما كان في باطن حلب وظاهرها وبساتينها ودورها من الحمامات في القرن السابع حسبما صرح به أبو ذر صاحب كتاب كنوز الذهب نقلا عن ابن شداد:
قصدنا من ذكر هذه النبذة التمهيد للكلام على عدد سكان مدينة حلب في القرون السالفة التي هي قبل القرن العاشر فإننا لم يمكننا الوقوف على عدد سكان مدينة حلب في تلك القرون إلا بطريق الاستنباط من عدد ما كان في حلب من الحمامات وغيرها كما ستقف عليه.
على أن ذكرنا هنا الحمامات التي كانت في تلك القرون لا يخلو من فوائد تاريخية أقلها معرفة اسم بعض ما يظهر من أطلالها في الأسس ونسبة طلل الحمام إلى صاحبه فإن كثيرا من العمائر يظهر في أسسها أطلال حمامات وآثارها كالأبازن «٢» ومجاري المياه والأقاليم ولا يعرف لها اسم ولا من هو صاحبها.