بالجهل والجاه لا بالعلم والأدب ... تنال ما شئت ممن شئت في حلب
وأجازه ابنه فقال:
ولا تقل شاع بين الناس حسن ثنا ... عن أهلها فلكم قد شاع من كذب
أقول: لم نسمع لابن الوردي في مذّمة حلب غير هذا البيت. وأما في مدائحها فله فيها أشعار مشهورة ومقالات في كتبه مدونة مسطورة لم نورد منها هنا شيئا استغناء بشهرتها.
وقال من قصيدة الفراسة:
وحلب خزانة الذكاء ... وموطن العفّة والحياء
طالعها للغرباء سعد ... وهي لمن فيها شقا وكدّ
لكنها تعطي دقيق العلم ... لأهلها من بعد لطف الفهم
لكنها نتيجة التلاحي ... وموطن المراء والكفاح
والعصبيات لديهم وافره ... وعلقة الحذق عليهم ظاهره
[ذكر قصيدة الفراسة]
هذه أرجوزة تعد ٢٣٨ بيتا. وقد تضمنت ذكر فضائل الأجناس وما خص كل جنس من جميل الطبع وقبيح الخلق، وأثر كل بلدة «١» بأهله على سبيل الاختصار، وهي من النوادر العزيزة الوجود بحيث لم أطلع عليها في غير مسودة تاريخ كنوز الذهب. وكان المرحوم الأستاذ الشيخ طاهر الجزائري رآها عندي في إحدى زياراته منزلي وطلب مني أن أسمح له بنقلها فاعتذرت له ولم أجبه على طلبه حرصا عليها. وأخبرني أنه لم يرها مدة حياته سوى مرتين هذه المرة إحداهما، مع كثرة اطلاعه وولعه بالبحث والتنقيب عن الكتب المخطوطة النادرة. والذي ظهر لي أن قلة وجودها ناشئ عما تشتمل عليه بعض فصولها من بيان عيوب الأمم والبلدان وذكر مساويهما. وهذا هو السبب الذي منعني عن تحريرها في هذه المقدمة. وإن كانت مما له علاقة قوية بالتاريخ. والغالب على الظن- استدلالا