يعتبرون هؤلاء إلا بمثابة ملوك المجر التابعين للباب العالي، الذين يؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون.
وكانوا يتعالون عن التقييد بالمعاهدات مع العواهل، ويأنفون- إذا وعدوا أحدا منهم بالمساعدة- عن أن يدونوا وعدهم، مكتفين معه بمجرد كلام. وكذلك كانوا يأنفون من نصب سفراء لهم في عواصم الدول الأجنبية؛ لاعتقادهم أنهم في غنى عن سائر العالم، وأنه على رجال الممالك الأجنبية المحتاجة إليهم أن يحجّوا إلى القسطنطينية عاصمة الكون.
وكان على سفراء الدول عند الملوك العثمانيين أن يقدموا للسلطان وكبراء حكومته هدايا ثمينة على سبيل الجزية. وكان السفير حين يقابل السلطان يمسكه اثنان من الحرس السلطاني من ذراعيه المكتفين ويتقدمان «١» به حتى إذا دنا من العرش خرّ مقبلا موطئ «٢» قدم السلطان. تلك بعض الأمثلة من أدلة العظمة التي كان عليها العثمانيون في عصرهم الذهبي وتلك الأيام المتداولة بين الناس) .
[أسباب انقراض الدولة العثمانية:]
ذكر العلامة المؤرخ السيد محمد كرد علي- في كتابه خطط الشام- أسباب انقراض هذه الدولة نقلا عن مؤرخ تركي، فقال ما خلاصته:
إن لأسباب انقراض هذه الدولة عوامل كثيرة أهمها:
(١) انقطاع البطولة من المسلمين وقيام الأتراك سدا أمام النصرانية، وبذلك جلبوا عليهم خصومة أوربا المسيحية جمعاء، فكانت مطارق المسيحيين تتساقط على رؤوس الأتراك مدة قرون.
(٢) إقرار تركيا العناصر المختلفة- المنضوية تحت رايتها- على ألسنتهم ودياناتهم، ففتحوا للأجانب سبيل التدخل في شؤون الدولة الداخلية فكانوا سببا لانقراضها.
(٣) تدخل الدين في مصالح الحكومة وعدم قيام بناء الدولة على ما يجب.