البلدة والمسلمات خاصة ينقشن أكفهن كثيرا وأرجلهن قليلا بالحنّاء على ضروب متنوعة من النقوش. وكلهن يضفرن غدائرهن المسلمات إلى ثلاث والنصرانيات إلى ثنتين، واليهوديات إلى ما فوق الثلاث. وجميعهن يربطن رأس الضفيرة بريبانة حمراء أو زرقاء.
وربما وجد منهن من تسدل شعرها من غير ضفر ومنهن من تضفر شعرها ببند مبروم من الحرير الأسود أو توصله بشعر آدمي أو بشعر مصنوع من الصوف المصبوغ زاعمة أن ذلك يطوّل شعرها. وكانت البنات اليهوديات يراعين هذه العادات في شعورهن حتى يتزوجن وعندها تجزّ شعرها مهما كان جميلا وتعتاض عنه بقبع «١» مصنوع من الصوف له من جهة وجهها سالفتان وغرة ومن جهة ظهرها عدة ضفائر.
وقد هجرن الآن هذه العادة وجميعهن قد يعقصن شعورهن ويجمعنها في قمة رؤوسهن على صورة التاج ولا يتخذن فوقها شيئا من كساوي الرأس إذا كن في بيوتهن. فإن كنّ في محفل فرح فمنهن من تضع على رأسها شيئا من النسيج الرقيق المعروف بالغربول تحشيه بورق وتجعله على شكل إطار تغرز فيه المجوهرات والحلي ومنهن من تغرز الحلي بالشعر المعقوص دون الإطار أما عجائز النسوة من الملل الثلاث والمتعصبة في دينها فإنها لا تترك رأسها مكشوفا ولو في بيتها بل لا بد من أن تضع عليه منديلا ولو صفيقا وقد اعتدن جميعا أن يثقبن شحمة آذانهن من الصغر ليعلّقن بها القرط.
[صفات الحلبيين المعنوية]
وأما صفاتهم المعنوية فهي كما قال دارفيو في تذكرته إن الأمر الخارق للعادة هو امتياز الحلبيين وسموهم على باقي شعوب الممالك العثمانية كلها فإنهم أحسنهم طباعا وأقلهم شرا وألينهم جانبا وأشدهم تمسكا بمكارم الأخلاق من جميع شعوب هذا الملك العظيم. ثم أطنب في تصوّن نسائهم وعدم دخول الذكور إلى الحريم متى بلغوا السابعة وأنهم يتحاشون الحريم عن كل تبذل حتى إنه لا يمكن لخادم الحكومة أن يدخل عليهن وإن وجب عليهن الحبس حتى تخرج المرأة بطوعها. وكأن كلمة الحريم عندهم مشتقة من الاحترام.