وفي سنة ٨٢١ قصد قرا يوسف التركماني- ملك بغداد- غزو قره بلك أحد أمراء التركمان في نواحي الموصل وما والاها، فجفل منه قرا بلك. وجاء الخبر إلى حلب فجفل أهلها. ثم إن قرا بلك قطع الفرات فساق خلفه قرا يوسف جريدة «١» وكبسه على عينتاب فنهبها وأحرقها. ووصل الخبر بذلك إلى حلب فخاف أهلها خوفا شديدا وخرجوا جرائد على وجوههم النساء والأولاد مشاة حفاة. ومنهم من اعتصم في القلعة وسير نائب حلب إلى السلطان يخبره بذلك فتهيأ السلطان لمدافعة قرا يوسف والتوجه إلى الشام. وأما قرا يوسف فإنه وصل بنفسه إلى ناحية تل باشر ووصل قسم من عسكره إلى حلب- وكانت خالية- فتلقاهم الأمير يشبك في شرقي بابلّي وهو في نحو أربعين فارسا وهم في نحو الخمسمائة، فنصر الله الأمير يشبك على عسكر قرا يوسف ورجع إلى حلب منصورا.
ثم أرسل قرا يوسف إلى حلب رسولا يقول لهم: إني لم أرد حلب وإنما أطلب قرا بلك.
فأخبره أهل حلب أن المذكور توجه من حلب منذ أيام، وعندها أقلع عن حلب ورجع الحلبيون إلى أوطانهم.
[مجيء الأمراء إلى حلب وقتل يشبك اليوسفي]
وفي سنة ٨٢٣ دخل ألطنبغا القرشي الأمير يوسف حلب وصحبته عدة أمراء مظهرين أن السلطان جهزهم إليها لحفظ البلاد من قرا يوسف، لأن السلطان بلغه أن قرا يوسف جمع من العساكر ما لا يحصى وقصد محاربة نائب حلب. فاستوحش منهم يشبك اليوسفي نائب حلب وتحفظ منهم ولم يجسروا عليه. ولما كان يوم الخميس ثاني عشر المحرم سنة ٨٢٤ ورد هجّان «٢» وبيده كتاب يخبر بوفاة السلطان الملك المؤيد شيخ. فاضطرب ألطنبغا وجماعته وتوجهوا إلى جهة مصر وخرجوا من حلب من باب المقام، والأمير يشبك اليوسفي يراهم ولم يخرج لتوديعهم. ولما أبعدوا عن حلب قليلا ركب اليوسفي في أثرهم فلما بصروا به رجعوا عليه وتقاتلوا ساعة، فانتصر الأمير ألطنبغا وانكسر اليوسفي وقتل