لأولئك الجنود البواسل الذين قاموا بذلك الزحف، غبر مبالين بما لاقوه من ضروب الضنك وتحملوه من المشاقّ في سحب المدافع، فضلا عن الجسور المتحركة (وهي ما كان لدينا من المعدّات لعبور القناة) وسط بحر من الرمال. هذا وقد ساد بين رجال الحملة- لا فرق بين الأتراك والعرب- شعور العطف الأخوي. ولم يكن بينهم من يضن بحياته دفاعا عن إخوانه. والواقع أن الحملة الأولى كانت برهانا ساطعا على أن غالبية العرب الساحقة انضموا إلى الخلافة بقلوبهم وجوارحهم.
[عدد عساكر الحملة وعدد عساكر الإنكليز:]
والمفهوم من مذكرات جمال باشا أن عدد جنود الحملة كان واحدا وعشرين ألفا، وأن جمال باشا قد علّق أكبر آماله وقتئذ على مساعدة الوطنيين المصريين الذين رجا أن يثوروا كلهم بعد أن يشجعهم سقوط الإسماعيلية في يد الجيش التركي. أما عدد جيوش العدو- حسب المعلومات التي وصلت إلى مركز قيادة الجيش التركي- فهي ٣٥ ألفا على طول خط القناة، عدا مئة وخمسين ألفا- ويزيدون- موزعين في طول مصر وعرضها.
[مساعدة ابن السعود وابن الرشيد وعدد الجمال التي كانت في جيش الحملة:]
قال جمال باشا في مذكراته: ولم يكن في استطاعة الأمير ابن السعود أن يمد لنا يد المساعدة المباشرة لقربه من الإنكليز الذين كان في استطاعتهم إيصال الأذى إليه، إلا أنه كان شخصيا نافعا لنا جدا إذ أرسل الجمال للجيش وسمح بتصدير التجارة من بلاده إلى سورية. ولقد أقام الأمير ابن الرشيد البرهان الصادق على أنه مسلم صميم وشديد الإخلاص للخلافة. قال: وكان عدد الجمال التي سخرت لحمل أثقال الحملة وحمل الماء اثني عشر ألف جمل، بعضها من سورية والقسم الكبير منها من بلاد الأمير ابن السعود.
[ثقة جمال باشا بإخلاص العرب:]
قال جمال باشا ما خلاصته: وكانت كتائب الحملة مكونة من عرب الشام وفلسطين، ولم توجد مقاتلة أتراك سوى كتائب متطوعي الدراويش، وفصيلة مشاة من متطوعي «دوبريجه» التي أنشأها جمال باشا لخدمة القيادة. قال: أفلا يدل كل ذلك على ثقتي