من جماعته، فأركن إلى الفرار وأراد أن يجتاز من نهر هناك فتوحلت به فرسه فتوكأ على رمحه لانتشالها من الوحل فانكسر الرمح. وكان الوالي قد أدركه والبندقية في يده وأحاطت به العسكر وقبضوا عليه وساقوه أسيرا إلى حلب، فكبلوه بالحديد ومن أسروا معه من قومه. ثم قتلوا الجميع صبرا سوى الأمير. وكانوا عندما يقتلون أحدهم يخرقون أكتافه ويغرسون فيها فتائل مشعلة مصنوعة من المرخ «١» والشمع ويطوفون به البلد ثم يقطعون رأسه ويرمون جثته في مستنقع الخندق. واتفق أن واحدا من هؤلاء الأسراء كان شاعرا عند الأمير ملحم لم يغمس يده في دم ولم يشنّ غارة قط، فبينما كانوا يطوفون به على تلك الحالة إذ لمح ضابطا سبقت له يد عنده فذكّره بها وقال له: إنني لم أكن لصا ولا قاطع طريق، إنما كنت شاعرا عند الأمير، فتضرع له الضابط عند الوالي وخلّصه من العقاب والقتل. ثم إن الوالي أرسل ملحما إلى أدرنة حيث كان السلطان إذا ذاك، فبعد أن نظر السلطان إلى ملحم مليا أمر بقتله وقد صعب ذلك على رجال الدولة لأنهم كانوا يرجون خلاصه والعفو عنه ليكون كافلا قمع غارات العرب حسب شجاعته المفرطة.
وفي هذه السنة أعني سنة ١٠٩٣ كملت عمارة خان الوزير. وفيها نقل قره محمد باشا إلى ديار بكر ومحمود باشا والي ديار بكر إلى حلب. ثم في هذه السنة نفسها ورد الأمر إلى محمود باشا بالحضور إلى استانبول ليكون قائم مقام الصدارة في استانبول، وولي حلب قره بكر باشا. وفي سنة ١٠٩٤ كان قره بكر باشا مع المجاهدين في بلاد بلغراد وله متسلم في حلب. وفي سنة ١٠٩٦ ولي حلب مع السردارية مصطفى باشا قره حسين باشا وكان في حرب بلغراد فجعل متسلما في حلب. وفي سنة ١٠٩٦ ولي حلب مع الوزارة إبراهيم باشا محافظ إيالة بدون، وكان مع المجاهدين في بلغراد فجعل متسلما في حلب.
[غلاء، وقتل ابن حجازي:]
وفي هذه السنة حصل غلاء بحلب وارتفع سعر اردبّ الحنطة إلى خمسة وعشرين قرشا.
فنادى المتسلم أن يباع الإردبّ «٢» بخمسة قروش. وكان عبد الله بن محمد حجازي- نقيب الأشراف- قد ارتشى من المحتكرين بألف قرش على أن يباع الإردبّ بخمسة