وفيها وصل السلطان محمد ألب أرسلان إلى حلب فبذل له محمود بن نصر الطاعة ولم يطأ بساطه، فلم يرض ألب أرسلان بذلك، فدخل محمود ووالدته عليه فأحسن إليهما وأقرّ محمودا على حلب وشرط عليه إزالة أفعال الشيعة، فإن أكثر أهل حلب صاروا شيعة من وقت مجيء الفاطميين إليهم.
وفي سنة ٤٦٧ مات محمود بن نصر المرداسي، وكان ظالما غاشما يصادر الناس وقد ملك بعده ابنه نصر فمدحه ابن حيّوس بقصيدة منها:
ثمانية لم تفترق مذ جمعتها ... فلا افترقت ما افترّ عن ناظر شفر
ومنها:
فجاد ابن نصر لي بألف تصرّمت ... وآلى عليهم أن سيخلفها نصر
فأجازه نصر بألف دينار في طبق فضة وقال: لو قال عوض «سيخلفها» :
«سيضعفها» لأضعفتها له.
وقد اجتمع الشعراء بباب نصر وامتدحوه وتأخرت صلته عنهم، وفيهم أبو الحسن أحمد بن محمد بن الزبيدة المعرّي الشاعر، فنظم أبياتا وسيّرها إلى نصر مطلعها:
على بابك المحروس منّا عصابة ... مفاليس فانظر في أمور المفاليس
وقد قنعت منك الجماعة كلّهم ... بعشر الذي أعطيته ابن حيّوس
وما بيننا هذا التفاوت كلّه ... ولكن سعيد لا يقاس بمنحوس
فأعطاهم مائة دينار وقال: والله لو قالوا: «بمثل الذي أعطيته ابن حيوس» لأعطيتهم مثله.
[سنة ٤٦٨ ملك نصر منبج وقتله في حلب:]
في يوم عيد الفطر قتل نصر هذا وهو في أحسن زيّ، وكان الزمان ربيعا واحتفل الناس في الفطر وتجملوا بأفخر ملابسهم، ودخل ابن حيوس فأنشد نصرا قصيدة منها: