ثم ورد الأمر من القيادة في دمشق بالتسليم وعدم المقاومة، ثم ورد بالمقاومة. غير أن الحكومة الحلبية حينما رأت هذا التذبذب في الأمر وضعف الأمة عن المقاومة، عقدت مجلسا من أعيان حلب ووجهائها للاستشارة في هذه المسألة فاختلفت الكلمة في ذلك.
وأخيرا رأى حضرة كامل باشا القدسي أن المقاومة تضر بالبلدة فضلا عن كونها لا تؤدي إلى الغرض المطلوب، وقد أقام على ذلك ما لا يمكن دحضه من الأدلة والبراهين. وقوله في ذلك حق لامراء فيه ولا سيما وهو رجل عسكري محنك. وعليه فقد أذعن الحاضرون إلى رأيه وقرروا التسليم بالطّوع والرضا.
[منشور ألقته الطيارة على حلب:]
وقبل قدوم الجيش الفرنسي إلى حلب ألقت طيارة مئات من نسخة منشور باللغة العربية خلاصته: أن فرنسا لا تتعرض إلى استقلالكم ولا تدعو إلى التجنيد، وهي تخفف عنكم الضرائب ولا تعمل بسلطتها ضدكم، ولا تتعرض إلى الموظفين الوطنيين؛ بل تبقي كل واحد منهم في وظيفته، وإن مقاومة جيشها يضرّ بالبلد وأهلها ويضطر فرنسا إلى عمل لا تحمد عقباه. وهو منشور طويل هذا فحواه.
[والي حلب:]
في شهر ذي القعدة سنة (١٣٣٨) ولي حلب حضرة ناجي بك السويدي.
[دخول الجيش الفرنسي إلى حلب:]
صباح يوم الجمعة ٨ ذي القعدة سنة (١٣٣٨) وفي ٢٣ تموز سنة ١٩٢٠ م احتلت الجيوش الفرنسية مدينة حلب، وأشغلت بعض النقاط في أطراف البلدة ولم يحدث أقل حادث.
وفي صباح يوم الجمعة المذكور جرى الاحتفال بقدوم الجنرال «ده لا موط» قائد الجيوش الفرنسية في المنطقة الشمالية السورية، فزار مقام الولاية وألقى خطابا قوبل بالاستحسان. وإليك ترجمته:
«أيها السادة: إن فرنسا وجنودها لم تدخل هذه البلاد بصورة عدائية، ولا مقصدها