حوادث أيام المتّقي بالله والمستكفي «١» بالله سنة ٣٣٣
ولما وصل أبو عبد الله إلى الرقة وجد فيها الخليفة المتقي بالله فلم يأذن لأبي عبد الله بالدخول إليها، واستدعى المتّقي الإخشيد، فأتى إليه وأكرمه، كما أن الإخشيد برّه، ووصله، ثم كتب الخليفة له عهدا على الشام ومصر على أن يكون له ولابنه أبي القاسم أنوجور إلى ثلاثين سنة. وعاد الإخشيد إلى حلب.
[استيلاء سيف الدولة على حلب]
وفيها «٢» سار الإخشيد إلى مصر، وولّى حلب أبا الفتح عثمان بن سعيد الكلابي.
فحسده إخوته الكلابيون واستدعوا سيف الدولة عليا بن حمدان ليولّوه على حلب. فقدم إليها سيف الدولة برضاء أخيه ناصر الدولة وقد عرف اختلاف الكلابيين وضعف أبي الفتح عن لقائه، فاستولى على حلب وهو الاستيلاء الأول في هذه السنة، ولم ير كيدا من الكلابيين ولا من غيرهم. ولما دخل إلى حلب عزل قاضيها ابن ماثل وولّى مكانه ابن الهيثم الرقّي، وكان ظالما يأخذ تركة من مات إلى سيف الدولة.
[غزو سيف الدولة أرض الروم:]
فيها غزا سيف الدولة أرض الروم فهتك بلد الصفصاف وعرسوس، وغنم وعاد.
[قصد جيوش الإخشيد حلب واستيلاؤه عليها:]
وما كاد سيف الدولة يستقر في حلب بعد عوده من غزو أرض الروم حتى بلغه زحف جيوش الإخشيد على حلب مع قائده وخادمه كافور ويانس المونسي، فبدرهما سيف الدولة وهما في الرّستن وأوقع بهما وبعساكرهما، وأسر منهم أربعة آلاف وغنم جميع ما معهما.
ثم أطلق الأسرى وتوجه إلى دمشق، ثم خرج منها إلى الأعراب، ولما عاد إليها منعه أهلها